ظريفة روعيت في هذا الحديث!
٣ ـ وروى من طريق عليّ بن إبراهيم بإسناده عن حريز ، أنّ الصادق عليهالسلام قرأ : (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ) ـ من ـ (ثِيابَهُنَّ) (١) بزيادة «من». (٢) ولعلّها زيادة تفسيرية ، تنبيها على أنّ المراد : وضع بعض الثياب بكشف الرأس والرقبة فحسب ، لا كشف تمام البدن. والزيادة لهذا الغرض كانت متداولة ذلك العهد. وقد مرّ نظيرها في قراءات الأصحاب كابن مسعود وابيّ بن كعب وحتى ابن عباس وغيره.
٤ ـ وروى بإسناده إلى ابن ظبيان عن الصادق عليهالسلام أنّه قرأ : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ). والمشهور : (مِمَّا تُحِبُّونَ). (٣) قال : هكذا أقرأها. (٤)
فعلى القراءة المعروفة ندب إلى الإنفاق ببعض ما يحبّ ، وعلى هذه القراءة كان ندبا إلى الإيثار بكلّ ما يحبّ ، وهذا برّ ليس فوقه برّ. وعلى أيّ حال فهي قراءة من القراءات على فرض الثبوت ، ولا تمسّ مسألة التحريف.
٥ ـ وأيضا عن حمّاد بن عثمان قال : تلوت عند أبي عبد الله عليهالسلام : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) (٥) في مسألة جزاء الصيد ، وهي القراءة المعروفة ، فقال الإمام : هذا ممّا أخطأت فيه الكتّاب ، وقرأ : «ذو عدل منكم». (٦) أي يكفي أن يحكم بالمماثلة عادل واحد.
ولا شكّ أنّ الحاكم بذلك يجب أن يكون عارفا بخصوصيات النعم ليعتبرها في الموازنة مع الخصوصيات التي كان عليها الصيد. وهذا ممّا يرجع إلى النظر والاجتهاد ، فهو من أهل الخبرة وليس من باب الشهادة.
وعليه فقد اختلف نظر الفقهاء في اعتبار التعدّد في إخبار أهل الخبرة. وقد رجّحنا عدم اعتباره ، نظرا لعموم وجوب تصديق العادل ، اللهمّ إلّا مع عدم حصول الاطمئنان إلّا مع التعدّد ، والعبرة إنّما هو بحصوله. (٧)
__________________
(١) ـ النور ٢٤ : ٦٠.
(٢) ـ الكافي ، ج ٥ ، ص ٥٢٢ ، رقم ٤.
(٣) ـ آل عمران ٣ : ٩٢.
(٤) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ١٨٣ ، رقم ٢٠٩.
(٥) ـ المائدة ٥ : ٩٥.
(٦) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ٢٠٥ ، رقم ٢٤٧.
(٧) ـ راجع ما كتباه بهذا الصدد في مجلة «فصل نامه حق» ، ص ٤٦ ـ ٤٨ ، العدد الثاني ١٣٦٤ ه ش.