أنّه بأوّل حصول الفعل (المسح) يحصل الامتثال فيسقط الأمر ولا دليل على الإدامة والاستيعاب. (١)
وأمّا مسح الرجلين فيجب استيعابهما إلى الكعبين ، ومن ثمّ كان عطفا على محلّ المجرور ، أي وامسحوا أرجلكم إلى الكعبين ، نظير «واغسلوا أيديكم إلى المرافق». بدليل بيان الحدّ ، وهو نهاية المحلّ المغسول في اليد ، والممسوح في الرجل.
أمّا إذا قرئ بالخفض فمعناه : المسح ببعض الرجل وهو غير مراد.
ومن ثمّ كانت قراءة النصب هي المتوافقة مع ضابط القبول فهي الحجّة المعتبرة عندنا لا غير.
٢ ـ روى الكليني بإسناده عن عمران بن ميثم ، قال : قرأ رجل عند أمير المؤمنين عليهالسلام : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ). (٢)
قال : بلى والله لقد كذّبوه أشدّ التكذيب ، ولكنّها مخفّفة : لا يكذبونك : لا يأتون بباطل يكذبون به حقّك. (٣)
قلت : على فرض صحة الإسناد ، فإنّ التشديد والتخفيف اختلاف في القراءة ، الأمر الذي لا يمسّ مسألة التحريف كما نبّهنا.
وقوله : «لا يأتون بباطل» بيان ل «لا يكذبونك».
وقوله : «ولكنّها مخفّفة» أراد به باب الإفعال من الإكذاب بمعنى بيان كذب الرجل وفضحه ، أمّا التفعيل من التكذيب فهو محض الإنكار وعدم تصديقه.
فالمعنى : انّهم لا يقتصرون على مجرّد الإنكار ورفض الدعوة. بل يحاولون بشتّى الوسائل في إبطال شريعته ونقض رسالته ، بما يقومون من أعمال خبيثة لكنّهم بهذه المحاولة إنّما يقاومون رسالة الله ويجحدون بآياته.
وهذا هو الفارق بين بابي الإفعال والتفعيل ، تخفيفا وتثقيلا ، الأمر الذي ينمّ عن دقّة
__________________
(١) ـ من إفادات شيخنا الحكيم الإلهي المحقّق الشيخ محمد رضا الاصفهاني الجرقوئي طيّب الله رمسه.
(٢) ـ الأنعام ٦ : ٣٣.
(٣) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ٢٠٠ ، رقم ٢٤١.