ولم نجد من زعم زيادة في النصّ الموجود سوى ما يحكى عن العجاردة (أصحاب عبد الكريم بن عجرد من زعماء الخوارج) أنّهم أنكروا أن تكون سورة يوسف من القرآن ، وكانوا يرون أنّها قصة عشق لا يجوز أن تكون من الوحي (١) ولهم مقالات فاسدة غير ذلك. (٢)
نعم كان ممّا اشتبه على ابن مسعود زعمه من المعوذّتين أنّهما تعويذان وليستا من سور القرآن ، وكان يقول : لا تخلطوا بالقرآن ما ليس منه ، وكان يحكّهما من المصحف. (٣)
ز ـ التحريف بالنقص : إمّا بقراءة النقص ، كما أثر عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) و... (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) بإسقاط «ما خلق». (٤) وعن الأعمش أنّه كان يقرأ : «حم سق» بإسقاط «ع» قيل : وهكذا قرأ ابن عباس. (٥)
أو بزعم أنّ في النصّ الحاضر سقطا ، كان من القرآن فاسقط إمّا عن عمد أو عن نسيان. وهذا إمّا في حرف واحد أو كلمة أو جملة كاملة أو آية أو سورة كما زعم.
وكلّ ذلك ورد مأثورا في امّهات الكتب الحديثيّة كالصحاح الستّ وغيرها حسبما أسلفنا إجماليا (٦) وسنعرضها بتفصيل.
الأمر الذي ننكره أشدّ الإنكار ، وهو الذي وقع الكلام حوله في مسألة تحريف الكتاب ، ولا مجال لتغيير العبارة والقول بأنّه من منسوخ التلاوة أو منسيّها ـ كما التزم به بعض أئمّة أهل السنّة ـ فإنّه من الالتواء في التعبير ، وتغيير العنوان لا يغيّر من الواقع المعنون وهو موضع بحثنا في هذا الحقل.
ومجمل القول في ذلك : أنّ ما ورد بهذا الشأن من الروايات العاميّة الأسناد ، لا تعدو كونها من اصطناع أهل الزندقة ومن صنع الوضّاعين المعروفين بالكذب والاختلاق. أو أنّ لها تأويلا صحيحا لا يمسّ جانب تحريف الكتاب. وإلّا فهي أوهام وخرافات سلفية لا
__________________
(١) ـ الملل والنحل للشهرستاني ، ج ١ ، ص ١٢٨. لكن أبا الحسن الأشعري لم يتحقّق عنده صحّة هذه النسبة ، قال : «وحكي لنا عنهم ما لم نتحقّقه : أنّهم يزعمون أنّ سورة يوسف ليست من القرآن». راجع : مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ١٧٨.
(٢) ـ المصدر.
(٣) ـ فتح الباري بشرح البخاري ، ج ٨ ، ص ٥٧١.
(٤) ـ الليل ٩٢ : ١ ـ ٣. راجع : صحيح البخاري ، ج ٦ ، ص ٢١١ ، وج ٥ ، ص ٣٥.
(٥) ـ مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢١.
(٦) ـ في الجزء الأوّل من التمهيد.