عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام قال ـ قبل استبصاره ـ : دفع إليّ أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام مصحفا وقال : لا تنظر فيه ، ففتحته وقرأت فيه «سورة : لم يكن الذين كفروا» فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم! قال : فبعث إليّ : ابعث بالمصحف. (١)
وفي هذا الحديث مواضع إبهام وسؤال ، ذكر تفصيله محمّد بن عمر الكشّي (من أعلام القرن الرابع) في ترجمة الرجل : روى بإسناده عنه قال : لمّا اتي بأبي الحسن (عند ما قبض عليه جلاوزة هارون) اخذ به على القادسية ولم يدخل الكوفة واخذ به على البرّ إلى البصرة. قال : فبعث إليّ مصحفا وأنا بالقادسية ، ففتحته فوقعت بين يديّ سورة لم يكن فإذا هي أطول وأكثر ممّا يقرأها الناس. قال : فحفظت منه أشياء. قال : فأتاني مسافر ومعه منديل وطين وخاتم ، فقال : هات فدفعته إليه ، فجعله في المنديل ووضع عليه الطين وختمه. فذهب عنّي ما كنت حفظت منه ، فجهدت أن أذكر منه حرفا واحدا فلم أذكره. (٢)
وهذا الحديث إذا قارنّاه مع حديث الكليني يرتفع بعض الإبهام من كليهما نسبيا. إذ الذي وجده من سورة «لم يكن : البيّنة» هي أسماء السبعين رجلا من قريش بأسماء آبائهم. وكان سبب دفع المصحف إليه أوّلا هو خوف الإمام من أن يقع في أيدي جلاوزة هارون. ومن ثمّ نهاه من أن ينظر فيه خوف الفتنة. ولكنّه خالف أمر الإمام فنظر فيه ، ولذلك بعث من يستردّه منه لمّا رآه غير مؤتمن على الوديعة.
وعلى أيّة حال ، فإنّ الأسماء التي زعمها رآهن في المصحف ، لعلّها كانت أسماء صناديد قريش ممّن ماتوا على الكفر أو أظهروا الإيمان قهرا ، وقد لعبوا بمقدّرات المسلمين دورا هامّا بعد حياة الرسول صلىاللهعليهوآله وهذه الأسماء كانت كشرح وتفسير للّذين كفروا ، وكانت مكتوبة على الهامش قطعا. كما نبّهنا عليه عند وصف مصحف الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام (في الجزء الأوّل من التمهيد).
قال المحدّث الناقد المولى محسن الفيض : لعلّ المراد أنّه وجد تلك الأسماء مكتوبة
__________________
(١) ـ الكافي ، ج ٢ ، ص ٦٣١ ، رقم ١٦.
(٢) ـ رجال الكشي ، ص ٤٩٢ ، برقم ٤٨١.