والقرآن الكريم لا يمدح قوما إلّا وهم أولياء لله ، الشامل بعمومه لكلّ وليّ من أوليائه الصالحين ، سواء من غبر أو حضر. ولا يذمّ قوما إلّا لأنّهم أعداؤه ، الشامل بعمومه لكلّ عدوّ من الجنّ والإنس مع الأبد. وعدوّ أولياء الله هم عدوّه ، لأنّ عدوّ الوليّ عدوّ. فإذا كان إبراهيم الخليل من شيعته لأنّه أتى ربّه بقلب سليم ، (١) فإنّه بهذا النعت يشمل إبراهيم هذه الامّة على الإطلاق. وإذا كان فرعون من عدوّه لأنّه طغى وعلا في الأرض فإنّه يشمل فراعين هذه الامّة سواء بسواء. (٢)
* * *
وهذا المعنى الدقيق ـ كما عرفه علماؤنا الأعلام ـ هو المراد من قولهم عليهمالسلام : لألفيتنا فيه مسمّين أو أنّ ربع القرآن أو ثلثه فينا. أي وجدت ذكرنا بالنعت الجليّ في هذا الموجود من المصحف الشريف ، لو كانت هناك أعين بصيرة.
لا ما زعمه أمثال المحدّث النوري من الحذف والسقط! (٣) يا له من جمود نظر وقصور فكر ، عصمنا الله من مزالّ القلوب والأبصار.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.
هذا ، وقد اكتمل البحث ـ بعونه تعالى ـ عصر يوم السبت آخر صفر الخير ، سنة ١٤٠٨ في بلدة قم المقدّسة.
محمّد هادي معرفة
٢ / ٨ / ١٣٦٦
__________________
(١) ـ قال تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الصافات ٣٧ : ٨٣ ـ ٨٤).
(٢) ـ فقد ورد في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) عن أبي الحسن عليهالسلام : قال : يعني من اتّخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمّة الهدى. الكافي ، ج ١ ، ص ٣٧٤ ، رقم ١. والآية ٥٠ من سورة القصص.
وسئل الصادق عليهالسلام عن قوله تعالى : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) قال : الآيات هم الأئمّة ، والنذر هم الأنبياء عليهمالسلام. الكافي ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ، رقم ١. والآية ١٠١ من سورة يونس.
وسئل أبو جعفر عليهالسلام عن قوله : «كذّبوا بآياتنا كلّها» قال : الأوصياء كلّهم. الكافي ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ، رقم ٢. والآية ٤٢ من سورة القمر.
(٣) ـ فصل الخطاب ، ص ٢٣٧ و ٢٣٩ و ٢٤٦ و ٢٤٧.