القرآنية ، لأنّ كلّا من السنّة الصحيحة والقرآن الكريم واجب الطاعة. وقد كان من الصحابة من يكتب الحديث ليحفظه حتّى نهى الرسول صلىاللهعليهوآله عن كتابة ما ليس بقرآن ، إلّا ما كان في صحيفة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، وهنا نستطيع أن نقول : بأنّ هذه الآية التي قالها عمر كانت أحكاما حفظها عن الرسول بألفاظ الرسول صلىاللهعليهوآله ، والتعبير بأنّها آية من كتاب الله مجاز ، ولو كان ما قاله سيّدنا عمر من باب الحقيقة لا المجاز ... (١)
وعبارته الأخيرة لا تخلو من طرافة بل وظرافة في التعبير أيضا ، لأنّه إيحاء إلى التباس التبس على عمر في هذا الحادث الجلل ، حيث اشتبه عليه طلاوة كلام الرسول صلىاللهعليهوآله بحلاوة كلامه تعالى فظنّ من أحدهما الآخر ، فبدلا من أن يشبّه كلامه صلىاللهعليهوآله بكلام الله تعالى ويأخذه مجازا على سبيل الاستعارة ، أبدى اشتباهه في الأمر وظنّه حقيقة ، وهو وهم فاحش لا سيّما وإصراره عليه حتى آخر أيّام حياته.
وأخيرا فقد تنبّه ابن حزم أيضا لخطئه في الدفاع الآنف ، فحاول تلبيس الأمر بشكل آخر ، قال : ولعلّ المراد بكلمة «آية» في قول سيّدنا عمر ، هو الحكم الشرعي ، باعتبار أنّه صلىاللهعليهوآله (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢) وليس مراده آية من نصّ الوحي القرآني. قال في كتابه «الأحكام» ما نصّه : قد قال قوم في آية الرجم : إنّها لم تكن قرآنا ، وفي آية الرضعات كذلك ، ونحن لا نأبى هذا ، ولا نقطع أنّها كانت قرآنا متلوّا في الصلوات. ولكنّا نقول : إنّها كانت وحيا أوحاه الله إلى نبيّه كما أوحى إليه من قرآن ، فقرىء المتلو مكتوبا في المصاحف والصلوات ، وقرىء سائر الوحي منقولا محفوظا معمولا به كسائر كلامه الذي هو وحي فقط. (٣)
وقال في باب الرضاع من المحلّى : قالوا : قال الراوي : فمات عليه الصلاة والسلام وهنّ ممّا يقرأ من القرآن ، قول منكر وجرم في القرآن ، ولا يحلّ أن يجوّز أحد سقوط شيء من القرآن بعد موت رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقلنا : ليس كما ظننتم ، إنّما معنى ذلك : أنّه ممّا يقرأ مع
__________________
(١) ـ فتح المنان في نسخ القرآن للشيخ علي حسن العريض مفتّش الوعظ بالأزهر ، ص ٢٢٤ ـ ٢٢٦.
(٢) ـ النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.
(٣) ـ بنقل الاستاذ العريض في فتح المنان ، ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧.