القرآن وممّا يقرأ من القرآن الذي بطل أن يكتب في المصاحف. (١) أي كان وحيا نظير القرآن غير أنّه لم يكن ممّا يكتب في المصحف.
إذن فقد رجع عن مسألة جواز نسخ التلاوة دون الحكم في القرآن ، ولا بدّ من الرجوع.
وإليك تصريحات أهل التحقيق من العلماء في إنكار هذا النوع من النسخ :
قال ابن الخطيب : ومن أعجب العجاب ادّعاؤهم أنّ بعض الآيات قد نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، وهو قول لا يقول به عاقل إطلاقا! وذلك لأنّ نسخ أحكام بعض الآيات ـ مع بقاء تلاوتها ـ أمر معقول مقبول ، حيث إنّ بعض الأحكام لم ينزل دفعة واحدة ، بل نزل تدريجيّا ...
أمّا ما يدّعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات ـ مع بقاء حكمها ـ فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه ، ويقدّر ما وهبه الله تعالى من نعمة العقل ، إذ ما هي الحكمة في نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها؟! ما الحكمة في صدور قانون واجب التنفيذ ، ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه؟! (٢)
وقال صدر الشريعة في كتابه «التوضيح» : منع بعض العلماء وجود المنسوخ تلاوة ، لأنّ النسخ حكم والحكم بالنصّ ، فلا انفكاك بينهما.
وفي كتاب «اللمع» في اصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي : وقالت طائفة : لا يجوز نسخ التلاوة مع بقاء الحكم ، لأنّ الحكم تابع للتلاوة ، فلا يجوز أن يرفع الأصل ويبقى التابع.
وقال الشيخ محمد الخضري في كتابه «تاريخ التشريع الإسلامي» : لا يجوز أن يرد النسخ على التلاوة دون الحكم. وقد منعه بعض المعتزلة وأجازه الجمهور محتجّين بأخبار آحاد لا يمكن أن تقوم برهانا على حصوله. وأنا لا أفهم معنى لآية أنزلها الله تعالى لتفيد
__________________
(١) ـ المحلّى ، ج ١٠ ، ص ١٦ نقلا بالمعنى.
(٢) ـ الفرقان لمحمد محمد عبد اللطيف المعروف بابن الخطيب ، ص ١٥٦ ـ ١٥٧.