بين أن يكون خبرا عن النبي صلىاللهعليهوآله أو مذهبا له (أي للراوي) ، فلا يكون حجّة. وقد قام إجماعنا على وجوب إلقائه صلىاللهعليهوآله على عدد التواتر ، فإنّه المعجزة الدالّة على صدقه ، فلو لم يبلغه إلى حدّ التواتر انقطعت معجزته فلا يبقى هناك حجّة على نبوّته ... (١)
وعلى غراره سائر المحقّقين من علماء الاصول ، كالسيّد المجاهد ، محمد بن علي الطباطبائي يقول في كتابه «وسائل الاصول» : لا خلاف أنّ كلّما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه ، لأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل أمثاله. والقرآن هو المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم ، فالدواعي متوفّرة على نقل جمله وتفاصيله. فما نقل آحادا ولم يتواتر يقطع بأنّه ليس من القرآن حتميّا ... (٢)
والفقيه المحقّق المولى أحمد الأردبيلي (ت ٩٩٣) في شرح الإرشاد قال : بل يفهم من بعض كتب الاصول أنّ تجويز قراءة ما ليس بمعلوم كونه قرآنا فسق ، بل كفر. فكلّ ما ليس بمعلوم أنّه يقينا قرآن منفيّ كونه قرآنا يقينا .. فقال بوجوب العلم بما يقرأ قرآنا أنّه قرآن. فينبغي لمن يجزم أنّه يقرأ قرآنا تحصيله من التواتر ، فلا بدّ من العلم ...
ثمّ قال : ولمّا ثبت تواتره فهو مأمون من الاختلال ، مع أنّه مضبوط في الكتب ، حتّى أنّه معدود حرفا حرفا وحركة حركة ، وكذا طريق الكتابة وغيرها ، ممّا يفيد الظنّ الغالب بل العلم بعدم الزيادة على ذلك والنقص ... (٣)
والمحقّق المتتبّع السيد محمد الجواد العاملي ـ بعد نقله كلمات الأعلام بهذا الشأن ـ قال : والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه وألفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محلّه ، لتوفّر الدواعي على نقله ، لكونه أصلا لجميع الأحكام ولكونه معجزا. فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شكّ في المقام. (٤)
وكلمات الأعلام هنا كثيرة نقتصر على هذا المقدار خوف الإطالة.
__________________
(١) ـ البرهان للبروجردي ، ص ١١١.
(٢) ـ بنقل صاحب الكشف (البرهان ، ص ١٢٠ ـ ١٢١).
(٣) ـ مجمع الفائدة ، ج ٢ ، ص ٢١٨.
(٤) ـ مفتاح الكرامة ، ج ٢ ، ص ٣٩٠.