هذا الكتاب. وأخبار النقيصة إذا عرضت عليه كانت مخالفة له ، لدلالتها على أنّه ليس هو ، وأيّ تكذيب يكون أشدّ من هذا؟! (١)
ومثله السيد محمد مهدي الطباطبائي بحر العلوم (ت ١١٥٥) في كتابه «فوائد الاصول» قال ـ بشأن حجّية الكتاب ـ : قد أطبق جماهير العلماء منذ عهد الرسالة إلى يومنا هذا على الرجوع إلى الكتاب العزيز والتمسّك بمحكم آياته في الاصول والفروع ، بل أوجبوا عرض الأحاديث عليه ـ كما ورد في متواتر النصوص ـ «إنّ لكلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه» ...
قال : والمعتبر في الحجّية ما تواتر أصلا وقراءة. ولا عبرة بالشواذّ ، وليست كأخبار الآحاد ، لخروجها عن كونها قرآنا ، لأنّ من شرطه التواتر ، بخلاف الخبر ... (٢)
لكن زعم المحدّث النوري أن لا منافاة بين أخبار العرض ووقوع التحريف في القرآن! قال : لأنّ الأمر بالعرض على كتاب الله صدر من رسول الله صلىاللهعليهوآله حال حياته. أمّا وقوع السقط والتبديل فإنّما حصل بعد وفاته.
قال : إنّ ما ورد عنه صلىاللهعليهوآله في ذلك لا ينافي ما ورد في التغيير بعده.
وقال أيضا : إنّ ما جاء من ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فهو أقلّ قليل ، ولا منافاة بينه وبين ورود التحريف عليه بعده ، وعدم التمكّن من امتثال أمره صلىاللهعليهوآله. (٣)
وهذا كلام غريب ، إذ أحاديث العرض لا يختصّ صدورها عن الرسول صلىاللهعليهوآله بل نطق بها ـ دستورا عامّا ـ الأئمّة المعصومون بعده أيضا.
ثمّ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّما قال ذلك خشية وفور الكذّابة بعده ، فبيّن للامّة على طول الدهر معيارا يقيسون عليه السليم من السقيم من أحاديثه المنسوبة إليه ، وليس علاجا مؤقّتا خاصّا بحال حياته صلوات الله عليه.
__________________
(١) ـ بنقل السيد شارح الوافية. انظر : البرهان للبروجردي ، ص ١١٦ ـ ١١٧.
(٢) ـ بنقل البروجردي في البرهان ، ص ١١٩ ـ ١٢٠.
(٣) ـ فصل الخطاب ، ص ٣٦٢ و ٣٦٣.