الله ، فما وافق فهو صادق ، وما خالف فهو كاذب. قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه». (١)
الأمر الذي يتنافى تماما مع احتمال التحريف في كتاب الله ، وذلك من جهتين : الجهة الاولى : أنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعا به ، لأنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل ولا موضع للشكّ في نفس المقياس.
إذن فلو عرضت روايات التحريف على نفس ما قيل بسقوطه لتكون موافقة له ، فهذا عرض على المقياس المشكوك فيه ، وهو دور باطل ، وإن عرضت على غيره فهي تخالفه ، حيث قوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ). وقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
الجهة الثانية : أنّ العرض لا بدّ أن يكون على هذا الموجود المتواتر لدى عامّة المسلمين لما ذكرناه ـ في الجهة الاولى ـ من أنّ المقياس لا بدّ أن يكون متواترا مقطوعا به. وروايات التحريف إذا عرضت على هذا الموجود بأيدينا كانت مخالفة له ، لأنّها تنفي سلامة هذا الموجود وتدلّ على أنّه ليس ذلك الكتاب النازل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وهذا تكذيب صريح للكتاب ومخالفة عارمة مع القرآن.
هكذا استدلّ المحقّق الثاني قاضي القضاة نور الدين علي بن عبد العالي الكركي (ت ٩٤٠) في رسالة وضعها للردّ على احتمال النقيصة في القرآن. قال فيها : الحديث إذا جاء على خلاف الدليل القاطع من الكتاب والسنّة المتواترة والإجماع ولم يمكن تأويله وجب طرحه. قال : وعلى هذه الضابطة إجماع علمائنا.
ثمّ قال : ولا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه ، غير هذا المتواتر الذي بأيدينا وأيدي الناس ، وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق. فقد ثبت وجوب عرض الأخبار على
__________________
(١) ـ الكافي ، ج ١ ، ص ٦٩ ، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب.