قال : وفي جملة ما أورده من الروايات ما لا يتيسّر احتمال صدقها. ومنها ما هو مختلف بما يؤول إلى التنافي والتعارض. مع أنّ القسم الوافر منها ترجع أسانيدها إلى بضعة أنفار ، وقد وصف علماء الرجال كلّا منهم إمّا بأنّه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفوّ الرواية ، وإمّا بأنّه كذّاب متّهم لا أستحلّ أن أروي من تفسيره حديثا واحدا ، وأنّه معروف بالوقف وأشدّ عداوة للرضا عليهالسلام ، وإمّا بأنّه فاسد الرواية يرمى بالغلوّ.
قال : ومن الواضح أنّ أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئا.
قال : ولو تسامحنا بالاعتناء برواياتهم في مثل هذا المقام الخطير لوجب من دلالة الروايات المتعدّدة ، أن ننزلها على أنّ مضامينها تفسير للآيات أو تأويل أو بيان لما يعلم يقينا شمول عمومها له لأنّه أظهر الأفراد وأحقّها بحكم العام ، أو ما كان مرادا بخصوصه عند التنزيل ، أو هو مورد النزول ، أو ما كان هو المراد من اللفظ المبهم.
قال : وعلى أحد هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة يحمل ما ورد أنّه تنزيل وأنّه نزل به جبرئيل كما يحمل التحريف الوارد في الروايات على تحريف المعنى ، كما يشهد بذلك مكاتبة سعد إلى أبي جعفر عليهالسلام «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده». وكما يحمل ما ورد بشأن مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام وابن مسعود أنّه من التفسير والتأويل ، لقوله عليهالسلام : «ولقد جئتهم بالكتاب كملا مشتملا على التنزيل والتأويل».
قال : وهكذا ما ورد من زيادة «بولاية علي» في مصحف فاطمة عليهاالسلام. ومعلوم أنّه كان كتاب تحديث بأسرار العلم ، وقد ورد أنّه لم يكن فيه شيء من القرآن. وأيضا ما ورد من تنزيل «الأئمّة» موضع «الامّة» ، لا بدّ من حمله على التفسير ، وأنّ التحريف إنّما هو في المعنى. وكذا نظائره من سائر الروايات.
ثمّ قال أخيرا : وإلى ما ذكرنا وغيره يشير ما نقلناه من كلمات العلماء الأعلام قدّس الله أسرارهم. (١)
__________________
(١) ـ راجع : تفصيل كلامه في الأمر الخامس من مقدمة تفسيره «آلاء الرحمان» ، ج ١ ، ص ٢٥ ـ ٢٧.