جاء في الحديث الأوّل : «ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما انزل إلّا كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلّا علي بن أبي طالب والأئمّة من بعده صلوات الله عليهم».
قوله : «جمع القرآن كلّه كما انزل» إشارة إلى مصحف علي عليهالسلام ، حيث كان على ترتيب النزول تماما ، مشتملا على التنزيل والتأويل ـ حسبما شرحناه في التمهيد ـ (١) وقد ورثه أولاده الأئمة المعصومون عليهمالسلام. ولو وجد لوجد فيه علم كثير ، كما قال الكلبي. الأمر الذي لا يرتبط ومسألة الزيادة أو النقص في نصّ الكتاب.
ففي الحديث الثاني : «ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه ، غير الأوصياء».
وفي الحديث الثالث : «اوتينا تفسير القرآن وأحكامه».
وفي الحديث الرابع : «إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنّه في كفّي».
وفي الحديث الخامس : «وعندنا ـ والله ـ علم الكتاب كلّه».
وفي الحديث السادس : ـ عند تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ـ (٢) : «إيّانا عنى».
هذه هي الأحاديث التي ذكرها الكليني تحت العنوان المذكور. وهي لا تعدو دلالتها على أنّ علم الكتاب كلّه ظاهره وباطنه إنّما هو عند أهل البيت الذي هم أدرى بما في البيت. فإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله هو مدينة العلم ، فإنّهم أبوابها المؤدّية إليه ، بإجماع الامّة.
هذا هو محتوى مجموع هذه الأحاديث الشريفة ، وقد أوردها الكليني الخبير بمواضع كلمات الأئمّة عليهمالسلام مع علمه بظهورها في نفس المحتوى. الأمر الذي يطلعك على مراده من عقد ذلك العنوان الفخم الرهيب.
ومن ثمّ كان من الجفاء ، نسبة الخلاف إليه ، إن هو إلّا افتراء وقول زور. لا سامح الله أصحاب التسامح في القول بلا علم.
__________________
(١) ـ التمهيد ، ج ١ ، «وصف مصحف علي عليهالسلام».
(٢) ـ الرعد ١٣ : ٤٣.