خاتمة المحدّثين الشيخ الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤) صاحب الموسوعة الحديثية الكبرى «وسائل الشيعة» وفيها ما يسدّ حاجة الفقيه في استنباط مختلف أحكام الشريعة ، (جزاه الله خيرا) وفرغ من تأليفه عام ١٠٨٢.
وسار على منهاجه المحدّث الفقيه المولى محسن الفيض (١٠٠٧ ـ ١٠٩١) في تأليفه كتاب «الوافي» الجامع لأحاديث الكتب الأربعة مع الشرح والبيان. وقد فرغ من تأليفه عام ١٠٦٨.
أمّا وبعد هذا الدور ، فيأتي دور الانحطاط والاسترسال في نقل الحديث وفي رواية الأخبار ، وأصبح أهل الحديث مجرّد نقلة آثار وحفظة أخبار ، من غير اكتراث لا بالأسانيد ولا بصحّة المتون. فقد زالت الثقة بأحاديث ينقلها هؤلاء (الأخباريون) المسترسلون ، بعد انتهاء دور (المحدّثين) المتقنين!
إنّهم اهتمّوا بتضخّم الحجم أكثر من الدقّة في المحتوى ، ومن ثمّ لم يأبهوا ممّن يأخذون وعلى أيّ مصدر يعتمدون ، إنّما المهمّ حشد الحقائب وملء الدفاتر بنقول وحكايات هي أشبه بقصص القصّاصين وأساطير بني إسرائيل.
ومن ثمّ واكبوا إخوانهم الحشوية الذين سبقوهم في هذا المضمار ، وساروا على منهجهم في الابتذال والاسترسال!
فإن كانت محنة أهل السنّة قد جاءتهم من قبل أهل الحشو في الحديث ، فكذلك جاءتنا البليّة من قبل هؤلاء المسترسلين في نقل الحديث!
* * *
وقد عرفت أنّ علماءنا المحقّقين أطبقوا على رفض احتمال التحريف في كتاب الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). (١)
وكذلك محدّثونا القدامى من لدن شيخهم ورئيسهم الصدوق ، حتى عصر العلمين خاتمتي المحدّثين الحرّ العاملي والفيض الكاشاني.
__________________
(١) ـ فصّلت ٤١ : ٤٢.