فسبق العدم عليه لا يكون بالعلية أو الشرف أو الرتبة ، وهو ظاهر ، ولا بالطبع ، لأن الزمان ممكن ، والممكن يقتضي لا استحقاقية الوجود والعدم نظرا الى ذاته ، فلا يفتقر بذاته إلى عدمه ، كيف والمتقدم بالطبع يجامع المتأخر ، وعدم الشيء لا يجامع وجوده ، فتعين أن يكون بالزمان وهو أيضا محال ، لاستلزامه وجود الزمان حين عدمه ، لأن معنى المتقدم بالزمان ، أن يوجد المتقدم في زمان لا يوجد فيه المتأخر.
والجواب : بعد تسليم وجود الزمان عبارة عن مقدار الحركة. أنا لا نسلم انحصار أقسام السبق في الخمسة المذكورة [بالمعاني المذكورة] (١) لأن سبق أجزاء الزمان بعضها على البعض خارج عن ذلك ، فليكن سبق عدم الزمان على وجوده كذلك. لا يقال التقدم والتأخر داخلان في مفهوم أجزاء الزمان فإن تقدم الأمس على الغد ظاهر بالنظر الى نفس مفهومه ، ولا كذلك حال عدم الحادث بالنسبة الى وجوده ، لأنا نقول : إنما جاز ذلك من جهة أن الأمس اسم للزمان المأخوذة مع التقدم المخصوص ، وإما في نفس أجزاء الزمان فلا بل غايته لزوم التقدم والتأخر فيما بينها ، لكونها عبارة عن اتصال غير قار.
ولو سلّم ، فالحادث من حيث الحدوث أيضا كذلك ، إذ لا معنى له سوى ما يكون وجوده مسبوقا بالعدم.
ولو سلّم. فالمقصود منع انحصار السبق في الأقسام الخمسة مستندا الى السبق فيما بين أجزاء الزمان ، فإنه ليس زمانيا بمعنى أن يوجد المتقدم في زمان لا يوجد فيه المتأخر ، ولا يضرنا تسميته زمانيا بمعنى آخر ، وقد سبق تحقيق ذلك في موضعه.
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب)