يكون بين نهايتين غير متلاقيتين. ومن شأنه أن يتوهم فيه نهايات من نوع تينك النهايتين ، فقد يكون بعد خطي من غير خط وسطحي من غير سطح كما في الجسم الذي لا انفصال في داخله بالفعل فإنك إذا فرضت فيه نقطتين فبينهما بعد خطي ولا خط ، وإذا فرضت خطين متقابلين فبينهما بعد سطحي ولا سطح ، وذلك البعد الخطي طول والسطحي عرض، فيظهر الفرق بين الطول والخط ، وبين العرض والسطح حيث يوجد الأول بدون الثاني ، وإن لم يوجد خط بلا طول وسطح بلا عرض.
قال (والمراد قبول أعيانها) أورد الإمام أن الوهم يصح فرض الأبعاد الثلاثة فيه ، وليس بجسم فأجاب بأن المراد ما يكون كذلك بحسب الوجود الخارجي كما في قولهم الرطب ما يقبل الإشكال بسهولة ، ولا خفاء في أنه تحقيق للمقصود بحيث لا يرد الاعتراض بالنفس التي هي جوهر مجرد يقبل الأبعاد الثلاثة المتقاطعة ، وإلا فظاهر أن الوهم خارج بقيد الجوهرية، والحاصل أن المراد صحة فرض الأبعاد بحيث يتحقق الاتصاف بها ، وذلك في الوجود المتأصل لا غير ومن اعتراضاته أن الهيولي جوهر يصح فرض الأبعاد الثلاثة فيها غايته أن قبولها للأبعاد يكون مشروطا بقبولها للصورة الجسمية ، ولا يجوز أن تكون الصورة جزءا من القابل لما تقرر عندهم من أنها مبدأ الفعل ، والحصول دون الإمكان والقبول ، بل الجوهر القابل هو الهيولي لا غير. وجوابه : أن ما اختص الهيولي بقبوله هو الصور لا الأعراض من الكميات والكيفيات وغيرها. كيف وقد صرحوا بأنه لا حظ للهيولي من المقدار ، وإنما ذلك إلى الصورة فإنها امتداد جوهري به قبول الامتدادات العرضية على أنه قد سبق أن المراد بهذا القبول ما يعم الفعل ولو لزوما ، ولعل هذا الاعتراض بالنسبة إلى الصورة أوجه.
__________________
ـ سينا ـ كما أخبر عن نفسه ـ هو وأبوه من أهل دعوة الحاكم من القرامطة الباطنيين وقال ابن تيمية «تكلم ابن سينا في أشياء من الالهيات والنبويات والمعاد والشرائع لم يتكلم بها سلفه ولا وصلت الى عقولهم». صنف نحو مائة كتاب منها القانون في الطب والسياسة وأسرار الحكمة المشرقية وغير ذلك. راجع وفيات الأعيان ١ : ١٥٢ وتاريخ حكماء الاسلام ٢٧ ـ ٧٢ ودائرة المعارف الإسلامية ١ : ٢٠٣