إلى الأسباب الفاعلية ، ولا يتأتى ذلك على القول بالموجب لاستواء نسبته إلى الكل فلزمهم الرجوع إلى القادر المختار (١). والعجب أنهم مع اعتقاد لزوم (٢) هذه الحركات ، على هذا النظام أزلا وأبدا يجعلونها إرادية تابعة لتعاقب الإرادات الجزئية من نفوس فلكية على ما سيأتي].
يريد أن أكثر ما ذكروا من عظم أمر السمويات وعجيب خلقها ، وبديع صنعها ، وانتظام أمرها أمر ممكن شهد به الأمارات ، ودل عليه العلامات من غير إخلال بما ثبت من القواعد الشرعية ، والعقائد الدينية ، إلا أنهم بنوا ذلك على أصل هو كون الصانع موجبا لا مختارا ، وذلك في غاية الفساد ، [وجعلوا له فرعا هو تأثير الحركات والأوضاع فيما يظهر في عالم الكون والفساد] (٣) من الحوادث ، وهو أصل الإلحاد (٤) ، ثم إنهم لما ذهبوا إلى أن الفلكيات خالية عن اللون والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة (٥) ونحو ذلك ، أورد عليهم. أنا نشاهد السماء أزرق ، والقمر عند الخسوف أسود ، وزحل كمدا ، والمشترى أبيض ، والمريخ أحمر ، وأنهم يجعلون زحل باردا يابسا ، والمريخ حارا يابسا ، وكذا في سائر السيارات ، ودرجات البروج على ما بين في كتب الأحكام.
فأجابوا بأن الزرقة متخيلة في الجو لا متحققة في السماء ، وسواد القمر عدم إضاءة جرمه (٦) ، وما يشاهد في المتحيزة ليس اختلاف ألوان ، بل اختلاف أضواء.
ومعنى وصف الكواكب أو الدرج بالكيفيات الفعلية والانفعالية ظهور تلك
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (المختار)
(٢) سقط من (ب) لفظ (لزوم)
(٣) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٤) في (ب) الايجاد بدلا من (الالحاد)
(٥) سقط من (ب) لفظ (اليبوسة)
(٦) الجرم : بالكسر : الجسد ، وجرم أيضا كسب وبابهما ضرب وقوله تعالى : «ولا يجرمنكم شنآن قوم» اي لا يحملنكم ويقال لا يكسبنكم. وتجرم عليه اي ادعى عليه ذنبا لم يفعله وقولهم لا جرم قال الفراء : هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت الى معنى القسم وصارت بمنزلة حقا فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم الا تراهم يقولون لا جرم لآتينك قال : وليس قول من قال جرمت حققت بشيء