في ذلك كلام طويل أورده الإمام في المباحث مع جمل من الاعتراضات عليه. ثم قال : والحق أن من حاول بيان الحصر للعناصر بتقسيم عقلي ، فقد حاول ما لا يمكنه الوفاء به. نعم الناس لما بحثوا بطريق التركيب والتحليل ، وجدوا تركيب الكائنات مبتدأ من هذه الأربعة ، وتحليلها منتهيا إليها. فلا جرم زعموا أن الاسطقسات هي هذه الأربعة.
[قال (ولم يقو الاشتباه)
إلا في وجود كرة النار ثم في يبوستها ، وفي حرارة الهواء ، والاستدلال بالآثار ضعيف لإمكان أسباب أخر ، وبأن النار لو كانت حارة رطبة لكانت هواء ، والهواء باردا رطبا لكان ماء أضعف لإمكان الاشتراك في اللوازم سيما المختلفة بالشدة والضعف].
يعني أن للفلاسفة في كمية العناصر اختلافات. منهم من جعل العنصر واحدا ، والبواقي بالاستحالة ، قيل النار ، وقيل الهواء ، وقيل الماء ، وقيل الأرض ، وقيل البخار ، ومنهم من جعله اثنين. قيل النار ، والأرض ، وقيل الماء والأرض ، وقيل الهواء والأرض ، ومنهم من جعله ثلاثة ، قيل النار والهواء والأرض ، وإنما الماء هواء متكاثف ، وقيل الهواء والماء والأرض ، وإنما النار هواء شديد الحرارة ، ولم يذكروا لهذه الأقوال شبهة تعارض الاستقرار الصحيح ، فتدفع ظن (١) كون العناصر أربعة على الكيفيات المذكورة ولم يقو الاشتباه إلا في أمور ثلاثة :
الأول : وجود كرة النار ، فإنه لا سبيل إلى إثباتها ، والاستدلال بالشهب (٢) ،
__________________
ـ ٣٧٠ ه نشأ وتعلم في بخاري وطاف البلاد وناظر العلماء واتسعت شهرته وتقلد الوزارة في همذان وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته فتوارى ثم صار الى أصفهان مات في همذان عام ٤٢٨ ه قال ابن قيم الجوزية : كان ابن سينا كما اخبر عن نفسه هو وأبوه من أهل دعوة الحاكم من القرامطة الباطنيين صنف نحو مائة كتاب اشهر كتبه القانون في الطب ، والاشارات وغير ذلك.
(١) في (أ) زيادة لفظ (ظن)
(٢) الشهاب : قطعة صغيرة صلبة من المادة الكونية ، تدخل الغلاف الجوي للأرض بسرعة كبيرة فتحترق بسبب الاحتكاك ، وتبدو خطا لا معا يبقى أثره بضع ثوان ، والقطع الكبيرة قد تنفجر الى وابل من الشرر ، فإذا كانت سرعتها بطيئة وصلت منها أجزاء الى الأرض وسميت نيزك ، ويظهر أحيانا عدد كبير من الشهب وذلك يصادف دورات بعض المذنبات (راجع الموسوعة الثقافية ص ٦٠١)