إذا اجتمع الأرض والماء مع تحلل الهواء ، وإفاضة حرارة من السماء تكوّن النبات ، وصار مادة لتكون الحيوان ، وأنه إذا وضع مركب في القرع والانبيق ، تصاعد منه جزء هوائي ، وتقاطر مائي ، وبقي أرضي ، ولا بدّ من الناري لتعين على حدوث الصورة الحافظة للتركيب الحاصل بالأسباب المقتضية ، وضعفه ظاهر] (١).
يعنى ذهب الفلاسفة إلى أن هذه العناصر أركان جميع المركبات العنصرية (٢). أعني المسماة بالمواليد ، أعني المعادن والنبات والحيوان ، بمعنى أن تركب جميعها ، إنما هو من هذه الأربعة ، وتحليل جميعها ، إنما هو إليها (٣) ، أما التركيب فلأنا نشاهد أنه إذا اجتمع الماء والتراب مع تخلل الهواء وفيضان حرارة من الشمس حدث النبات (٤) ، ثم إنه يصير غذاء للحيوان ، فيتأدى بحسب ما يتوارد عليه من الاستحالات والانقلابات إلى أن يتكون منه حيوان ، ولو فقد واحد من الأربعة لم يحدث ، كالتراب بلا رطوبة ، أو بلا هواء متخلل ، أو حرارة طابخة ، وأما التحليل فلأنا إذا وضعنا مركبا في القرع والانبيق ، وأوقدنا عليه نارا من شأنها تفريق المختلفات ، تصاعد منه أجزاء هوائية ، وتقاطر أجزاء مائية ، وبقي أجزاء أرضية. ومعلوم أنه لا بدّ من أجزاء نارية تفيد طبخا ونضجا (٥) ، يوجب حصول مزاج يستتبع صورة نوعية (٦) حاصلة ، تحفظ الأجزاء المجتمعة بالأسباب السابقة عن التفرق والانفصال والمركب عن الانحلال ، إذ ربما لا يكفي تلك الأسباب لكونها على التقضي والزوال ، وفيما ذكرنا دفع (٧) لما يقال أن شأن الحرارة تفريق المختلفات ، فكيف تكون جامعة لها؟ وأنه لا بد للتجاور والاجتماع (٨) بين الجزء
__________________
(١) في (ب) واضح بدلا من (ظاهر)
(٢) سقط من (ب) لفظ (العنصرية)
(٣) في (ب) بها بدلا من (إليها)
(٤) ان هذا من اتخاذ الأسباب التي أمرنا الله سبحانه وتعالى باتخاذها اما الخلق والانبات فهو من الله تعالى : قال في كتابه : «أأنتم انشأتم شجرتها أم نحن المنشئون» وقال تعالى : «أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون»
(٥) سقط من (ب) لفظ (نضجا)
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (نوعية)
(٧) في (ب) ابطال بدلا من (دفع)
(٨) في (أ) الالتصاق بدلا من (الاجتماع)