الذهب مثلا ، وجعل تحت رأس الميزاب كفة (١) الميزان الذي يريد به معرفة مقدار الماء الذي يخرج من الإناء ، وهكذا كل من الفلزات والأحجار ، بعد ما بالغ في تنقية الفلزات من الغش (٢) ، وفي تصفية الماء ، وكان ذلك من ماء جيحون (٣) في خوارزم (٤) في فصل الخريف. ولا شك أن الحكم يختلف باختلاف المياه ، واختلاف أحوالها بحسب البلدان والفصول. فحصل معرفة مقدار الماء الذي يخرج من الإناء بمائة مثقال من كل من الفلزات والأحجار ، وعرف بذلك مقدار
__________________
(١) في (ب) ميزان بدلا من (ميزاب)
(٢) في (أ) الفسق بدلا من (الغش)
(٣) جيحون : بالفتح ، وهو اسم أعجمي ، وقد تعسف بعضهم فقال : هو من جاحه إذا استأصله ، ومنه الخطوب الجوائح ، سمي بذلك لاجتياحه الأرضين. قال حمزة أصل اسم جيحون بالفارسية هارون ، وهو اسم وادي خراسان على وسط مدينة يقال لها جيهان فنسبه الناس إليها وقالوا جيحون على عادتهم في قلب الالفاظ.
وقال ابن الفقيه يجيء جيحون من موضع يقال له ريوساران وهو جبل يتصل بناحية السند والهند وكابل ، ومنه عين تخرج من موضع يقال له عند ميس.
وقال الاصطخري : فأما جيحون فإنه عموده نهر يعرف بجرياب يخرج من بلاد وخّاب من حدود بذخشان وينضم إليه أنهار في حدود الختل ووخش فيصير من تلك الأنهار هذا النهر العظيم وينضم إليه نهر يلي جرباب يسمى بأخش وهذا النهر يجمد لمدة شهرين من شهور الشتاء.
(٤) خوارزم : قال بطليموس في كتاب الملحمة : خوارزم طولها مائة وسبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها خمس وأربعون درجة وهي في الاقليم السادس ، طالعها السماك ، ويجمعها الذراع بيت حياتها العقرب ، مشرقة في قبة الفلك وقال أبو عون في زيجة هي آخر الاقليم الخامس ، وطولها إحدى وتسعون درجة ، وخوارزم ليس اسما للمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها فأما القصبة العظمى فقد يقال لها اليوم الجرجانية ، وقد ذكرت في موضعها.
وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ ، فلم يجدوا على هذه الصفة إلا موضع مدينة كاث وهي إحدى مدن خوارزم فجاءوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا فلما كان بعد مدة جرى ذكرهم على بال الملك فأمر قوما بكشف خبرهم فجاءوا فوجدوهم قد بنوا اكواخا ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتفوتون وإذا حولهم حطب كثير فقالوا لهم كيف حالكم ..؟ فقالوا : عندنا هذا اللحم ، وأشاروا إلى السمك وعندنا هذا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوت به ، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمي ذلك الموضع خوارزم. لأن اللحم بلغة الخوارزمية خوار والحطب رزم ، فصار خوارزم فخفف فقيل «خوارزم» استثقالا لتكرير الراء.
راجع معجم البلدان ٢ : ٣٩٥