[قال (فمنها الغاذية)
وهي التي تحيل الغذاء إلى مشاكلة المغتذى ، ويخدمها أربع قوى هي : الجاذبة للغذاء ، والماسكة للمجذوب ريثما ينهضم ، والهاضمة التي تحيل الغذاء إلى ما يليق بجوهر المغتذي ، والدافعة لما لا حاجة إليه ، لأن هذه الحركات والسكنات ليست إرادية لعدم الإرادة للغذاء ، ولا طبيعية لوقوعها على خلاف الطبع ، بل قسرية ، وليس للقاسر إرادة الحيوان ، إذ قد يقع (١) بدونها ولا أمرا من خارج وهو ظاهر فتعين أن تكون قوى فيه] (٢).
المحققون على أنها قوة مغايرة للجاذبة ، والماسكة ، والهاضمة ، والدافعة (٣). وإن كان ظاهر كلام البعض ، يشعر بأنها نفس الهاضمة. والبعض بأنها عبارة عن مجموع الأربع ، وحاصل الفرق أن الهاضمة هي التي تتصرف فيما يرد على البدن من حين المضغ ، إلى أن يحصل له كمال الاستعداد لصيرورته جزءا من المغتذي. وهذا معنى إحالة الغذاء إلى ما يليق بجوهر المغتذي. والغاذية هي التي تتصرف فيما حصل له كمال الاستعداد ، إلى أن تجعله جزءا بالفعل. وهذا معنى إحالة الغذاء إلى مشاكلة المغتذي. ففي تفسير الهاضمة أريد بالغذاء ما هو بالقوة كاللحم والخبز ، وبالإحالة التغير في الكيف ، كتغير الطعام إلى الكيلوس ، أو في الجوهر كتغير الكيلوس إلى الدم ، والدم إلى اللحم. وفي تفسير الغاذية. أريد بالغذاء ما هو بالفعل. أعني حين ما (٤) يصير جزءا من العضو. وبالإحالة التغير في الجوهر ، ومعنى المشاكلة المماثلة في الجوهر واللون ، والقوام ، واللصوق.
ثم هاهنا مقامان : أحدهما : بيان وجود (٥) هذه القوى
وثانيهما : بيان تغايرها.
أما الأول ، فيدل على وجود الجاذبة في المعدة ، حركة الغذاء من الفم إليها
__________________
(١) في (ب) يدفع بدلا من (يقع)
(٢) في (ب) منه بدلا من (فيه)
(٣) سقط من (ب) لفظ (الدافعة)
(٤) سقط من (ب) حرف (ما)
(٥) سقط من (أ) لفظ (وجود)