قلنا : فأي حاجة إلى ما ذكر من المقدمات.
والجواب : أن الفلاسفة معترفون بانتفاء القوتين في المفلوج والذابل.
وثانيهما : أن الحافظ يجوز أن يكون المزاج الخاص ، أو تعلق النفس بالبدن.
والجواب : أن الكلام فيما يحفظ المزاج الخاص الذي به قوام الحياة في الحيوان الناطق وغيره ، وفيه نظر. لأنهم لا يعنون بالنفس الجوهر المجرد ، بل مبدأ الحركات ، والأفاعيل المختلفة ، أو مبدأ الإدراك ، والتحريك الإرادي.
[قال (أما المدركة فالحواس الظاهرة والباطنة) :
وكل منهما خمس ، حسب ما ثبت بالوجدان والبرهان ، وإن لم يقع الجزم بامتناع الغير ، لجواز أن لا يحصل للشيء بعض ما هو ممكن له لانتفاء شرط ، وجعل بعضهم مدرك اللذة والألم ، بل جميع الوجدانيات قوة أخرى ، لما نجد عند تحققها من حالة مغايرة لتعقلها ، أو تخيلها.
والجواب : إنها إدراكات لا مدركات].
لأن الكلام في القوى التي يشترك فيها الانسان ، وغيره من الحيوانات ، وأما القوة النطقية المدركة للكليات ، فستأتي في بحث النفس وكل منهما. أي من قسمي القوة المدركة جنس أو بمنزلة الجنس ، لقوى خمسة. كما أن المدركة جنس أو بمنزلة الجنس للقسمين ، وذلك ظاهر في الحواس الظاهرة لما أن كل أحد يجد من نفسه تلك الإدراكات ، وتعقلها (١) بما يخصها من الآلات ، وأما الباطنة. فتثبت بالبرهان ، كما سيأتي على التفصيل ، ثم لا جزم للعقل ، بامتناع حاسة سادسة من الظاهرة أو الباطنة. إذ الممكن قد لا يوجد لانتفاء شرط من شرائط الوجود ، وما يقال : أن الطبيعة لا تنتقل من درجة الحيوان إلى درجة فوقها ، إلا وقد استكملت جميع ما في تلك (٢) الدرجة ، فلو كان في الامكان حس آخر ، لكان حاصلا للإنسان ، لأنه أعدل ما في هذا العالم ضعيف ، وكذا ما يقال أن الإدراك
__________________
(١) في (أ) ويعلقها بدلا من تعقلها وهو تحريف
(٢) في (ب) هذه بدلا من (تلك)