كمال للنفس ، وهي مستعدة لحصول الكمال ، ولا صفة من (١) جانب الواهب ، فلو أمكن وجود قوة أخرى إدراكية ، لكانت حاصلة للنفس ، ومنهم من زعم أن مدرك اللذة والألم حاسة أخرى غير العشر ، فإن من التذ أو تألم ، يجد من نفسه حالة إدراكية ، مغايرة لتعقل اللذة والألم وتخيلهما ، ويشبه أن تكون جميع الوجدانيات من الجوع والعطش ، والخوف (٢) والغضب ، وغيرها بهذه المثابة. فإنا نجد عند تحقق هذه المعاني ، حالة إدراكية مغايرة لحالة تعقلها بصورها الكلية ، أو تخيلها بصورها الجزئية. والجواب : أن اللذة والألم (٣) مثلا من قبيل الإدراكات ، لانها إدراك حسي أو عقلي ، ونيل (٤) لما هو عند المدرك كمال وخير ، لا من قبيل المدركات ، ليطلب لها حاسة تدركها. وفيه نظر. وأما المحسوسات المشتركة ، مثل المقادير ، والأعداد ، والأوضاع ، والحركات ، والسكنات ، والأشكال ، والقرب ، والبعد ، والمماسة ، ونحو ذلك. فليست كما يظن أن مدركها حس آخر ، بل إدراكها ، إنما هو بالحواس الظاهرة ، وإن كان بعضها قد يستعين بالبعض ، أو بضرب من القياس والتعقل.
[قال (أما الحواس الظاهرة فمنها اللمس) :
وهي قوة سارية في البدن تدرك بها الحرارة والبرودة ، ونحوهما عند المماسة ، وهي للحيوان في محل الضرورة ، كالغاذية للنبات ، ولذا كانت لمعونة العصب سارية في جميع الأعضاء ، سوى ما يتضرر به كالكبد والطحال ، والكلية والرئة والعظم ، وكان الحيوان يبقى عند بطلان سائر الحواس دونها].
هي قوة تأتي في الأعصاب إلى جميع الجلد ، وأكثر اللحم والغشاء ، من شأنها إدراك الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، والخشونة والملاسة ، ونحو ذلك ، بأن ينفعل عنها العضو اللامس عند المماسة بحكم الاستقراء ، ولأنها لو أدركت
__________________
(١) في (أ) صنعة بدلا من (صفة) وهو تحريف.
(٢) سقط من (ب) كلمة (الخوف)
(٣) سقط من (أ) لفظ (الألم)
(٤) في (ب) وفعل بدلا من (ونيل)