للمس قوي كثيرة ، بل قوى أربع. وقال في الشفاء : يشبه أن تكون اللامسة عند قوم ، لا نوعا أخيرا ، بل جنسا لقوى أربع ، أو فوقها منبثا (١) معا في الجلد كله ، إحداها حاكمة (٢) في التضاد الذي بين الحار والبارد ، والثانية في التضاد ، الذي بين الرطب واليابس ، والثالثة في الذي بين الصلب واللين ، والرابعة في الذي بين الخشن والأملس ، إلا أن اجتماعها في آلة واحدة ، يوهم تأحدها في الذات (٣). وقال : أيضا. يشبه أن تكون قوى اللمس قوى كثيرة ، تختص كل واحدة منها بمضادة ، فيكون ما يدرك به المضادة التي بين الثقيل (٤) والخفيف ، غير ما يدرك به المضادة التي بين الحار والبارد. فإن هذه أفعال أولية للحس ، يجب أن يكون لكل جنس منها قوة خاصة ، إلا أن هذه القوى لما انتشرت في جميع الآلات بالسوية ، ظنت قوة واحدة ، كما لو كان اللمس والذوق منتشرين في البدن كله انتشارهما في اللسان ، لظن مبدؤهما قوة واحدة ، فلما تميزا عرف اختلافهما ، وليس يجب أن يكون لكل واحدة من هذه القوى آلة تخصها ، بل يجوز أن تكون آلة واحدة مشتركة لها. ويجوز أن يكون هناك انقسام في الآلات غير محسوس. ثم قال :
فإن قيل : فالسمع أيضا يدرك المضادة التي بين الصوت الثقيل والحاد ، والتي بين الصوت الخافت والجهير وغير ذلك ، فلم لم تجعل قوى كثيرة.
فالجواب : أن محسوسه الأول هو الصوت ، وهذه أعراض لها ، وتوابع بخلاف اللمس ، فإن كل واحدة من المتضادات تحس لذاتها ، لا بسبب الاخر ، ولما كان السؤال في الذوق المدرك للطعوم المتضادة ظاهرا.
أجاب الإمام : بأن الطعوم وإن كثرت فبينها مضادة واحدة ، بخلاف الملموسات ، فإن بين الحرارة والبرودة نوعا من التضاد ، غير النوع الذي بين الرطوبة واليبوسة.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (منبثا)
(٢) سقط من (ب) إحداها
(٣) في (ب) بأحدهما بدلا من (تأحدها)
(٤) في (ب) تدرك بدلا من (بين)