بالفلكيات في نوم ، أو يقظة ، نشم منها روائح أطيب من المسك والعنبر ، بل لا نسبة لما عندنا الى ما هناك. ولهذا اتفق أرباب العلوم الروحانية ، على أن لكل كوكب بخورا مخصوصا ، لكل روحاني رائحة معروفة يستنشقونها ، ويتلذذون بها ، وبروائح الأطعمة المصنوعة لهم ، فيفيضون على من يرتب ذلك ما هو مستعد له.
[قال (ومنها السمع) :
وهي قوة في عصب باطن الصماخ (١) يدرك بها الأصوات].
قد سبق في بحث الصوت ما يغني عن شرح هذا الموضع ، والمراد بالهواء المتوسط ، هو المتموج الحامل للصوت ، سواء كان معلولا للقرع ، أو للقلع. ومعنى توسطه بين القارع والمقروع ، كونه بين الجزء الذي يفعل الصدم بعد الصدم ، وبين تجويف الصماخ ، وهذا ظاهر. وإنما الإشكال في عبارة الشفاء. وهو أن السامعة قوة مرتبة في العصب المتفرق في سطح الصماخ يدرك صورة ما يتأدى إليه من تموج الهواء المنضغط بين قارع ومقروع ، مقاوم له انضغاطا بعنف ، يحدث منه صوت ، فيتأدى تموجه إلى الهواء المحصور الراكد في تجويف الصماخ ، ويحركه بشكل حركته ، حيث اقتصر في سبب الصوت على القرع ، مع تصريحه بأنه قد يكون بالقلع (٢).
[قال (ولا يمتنع)
أن يقوم الصوت بكل جزء من أجزاء الهواء النافذة في المنافذ الضيقة ويكون السماع مشروطا بكون الوصول أولا لعدم الانفعال (٣) عن المماثل].
__________________
(١) الصماخ : خرق الاذن ، وبالسين لغة ، ويقال : هو الاذن نفسها. قال العجاج :
حتى إذا صرّ الصماخ الاصمعا
وأصمخت الرجل : أصبت صماخه ، الصملاخ والصملوخ : وسخ الاذن ، والصمالخ : اللبن الخاثر المتكبد.
(٢) في (ب) بالقرع بدلا من (القلع) وهو تحريف.
(٣) في (ب) الانشغال بدلا من (الانفعال).