تذكى الروائح ، ولما كان البرد الشديد يخفيها ، ولما ذبلت التفاحة بكثرة التشمم. واللازم باطل بحكم المشاهدة.
والجواب : منع الملازمة لجواز أن يكون ذلك من جهة ، أن التبخر وتحلل الأجزاء يعين على تكيف الهواء ، بكيفية ذي الرائحة ، وكثرة اللمس والتشمم ، على ذبول التفاحة ، وتحلل رطوباتها ، وتمسك الآخرون بأن النار مع شدة إحالتها لما يجاورها لا تسخن إلا مسافة قريبة منها. فكيف يحيل الجسم ذو الرائحة الهواء على مسافة بعيدة ، ربما تبلغ مسيرة أيام على ما حكى أرسطو أنه وقع ملحمة ببلاد يونان ، التي لا رخم (١) فيها ، فسافرت الرخم إليها لروائح الجيف من مسيرة أيام.
والجواب : أنه استبعاد ولا دليل على الامتناع سلمنا. لكن وصول الهواء المتكيف إلى المسافات البعيدة على ما حكى يجوز أن يكون بهبوب رياح قوية.
[قال (ومن الفلاسفة) :
من يزعم أن للفلكيات شما ، وفيها روائح ، واشتراط وصول الهواء إلى الخيشوم ، إنما هو في عالم العناصر].
نقل عن أفلاطون وفيثاغورس وهرمس وغيرهم. أن الأفلاك والكواكب لها شم ، وفيها روائح. ورد عليهم المشّاءون. بأنه لا هواء هنالك يتكيف ، ولا بخار يتحلل.
إنما هو في العنصريات ، ومن كلمات بعض المتأخرين : أنا عند اتصالنا
__________________
(١) الرخمة : طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة يقال له الأنوق والجمع رخم وهو للجنس قال الأعشى.
يا رخما قاظ على مطلوب
والرخمة أيضا قريب من الرحمة يقال : وقعت عليه رخمته أي محبته ولين أبو زيد : رخمه رخمة ، ورحمه رحمة وهما سواء قال الشاعر :
عجبت لآل الحرقتين كأنما |
|
راوني نفيا من إياد وترخم |
والرخام : حجر أبيض رخو.