بأن ليس معها في هذا البدن تدبر آخر ، ولا لها تدبير في بدن آخر. فهما على التعادل (١) ليس لبدن نفسان ، ولا لنفس بدنان لا معا ، ولا على البدل وإلا لزم أن تتذكر شيئا من أحوال البدن الأول أن ينطبق عدد الكائنات على الفاسدات ، وأن يجامعها نفس أخرى حادثة بتمام الاستعداد ، وعموم الفيض.
واعترض بأنها بعد التسليم ، إنما يبقى الانتقال إلى بدن آخر إنسان ، لا حيوان أو نبات ، أو جماد ، على اختلاف آراء المتناسخة (٢) أو جرم سماوي].
يعني أن كل نفس تعلم بالضرورة أن ليس معها في هذا البدن نفس أخرى ، تدبر أمره ، وأن ليس لها تدبير وتصرف في بدن آخر ، فالنفس مع البدن على التساوي ، ليس لبدن واحد إلا نفس واحدة ، ولا تتعلق نفس واحدة إلا ببدن واحد ، إما على سبيل الاجتماع فظاهر ، وإما على سبيل التبادل والانتقال من بدن إلى آخر فلوجوه :
الأول : أن النفس المتعلقة بهذا البدن ، لو كانت منتقلة إليه من بدن آخر ، لزم أن تتذكر شيئا من أحوال ذلك البدن (٣) ، لأن العلم والحفظ والتذكر من الصفات القائمة بجوهرها الذي لا يختلف باختلاف أحوال البدن واللازم باطل قطعا (٤).
الثاني : أنها لو تعلقت بعد مفارقة هذا البدن ببدن آخر لزم أن يكون عدد الأبدان الهالكة مساويا لعدد الأبدان الحادثة ، لئلا يلزم تعطل بعض النفوس ، أو اجتماع عدة منها على التعلق ببدن واحد ، أو تعلق واحدة منها بأبدان كثيرة معا ، لكنا نعلم قطعا بأنه قد يهلك في مثل الطوفان (٥) العام أبدان كثيرة ، لا يحدث مثلها إلا في أعصار متطاولة.
__________________
(١) في (ب) التبادل بدلا من (التعادل)
(٢) في (ب) آراءكم بدلا من (آراء).
(٣) سقط من (أ) لفظ (البدن).
(٤) سقط من (ب) لفظ (قطعا).
(٥) الطوفان : المطر الغالب ، والماء الغالب يغشى كل شيء قال الله تعالى : (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) قال الأخفش : واحدها في القياس : طوفانة وانشد :