فإن قيل : لو صح ما ذكر ، ثم لزم عدم تمايزها بعد مفارقة الأبدان ، واضمحلالها ، لانتفاء العوارض المادية.
قلنا : ممنوع لجواز أن يبقى تمايزها بما حصل لكل من خواصها التي لا توجد في الأخرى ، وأقلها الشعور بهويتها.
واعترض بوجهين :
أحدهما : أنا لا نسلم بطلان كون كل فرد من أفراد النفوس نوعا منحصرا في الشخص ، إذ لم تقم حجة على أنه يجب أن توجد نفسان متحدتان في الماهية.
وثانيهما : أنا لا نسلم امتناع أن يوجد جسم قديم ، تتعلق به النفس في الأزل ، ثم تنتقل منه إلى آخر ، وآخر على سبيل التناسخ.
كيف : وعمدتهم الوثقى في إبطال التناسخ مبنية على حدوث النفس كما سيجيء(١).
فلو بني إثبات الحدوث على بطلان التناسخ كان دورا.
فإن قيل : نحن نبين امتناع تعين النفس بالعوارض البدنية بوجه لا يتوقف على بطلان التناسخ. بأن نقول : لو كان تعين هذه النفس بالعوارض المتعلقة بهذا البدن ، لما كانت متعينة قبله ، فلم تكن موجودة ، سواء كان التناسخ حقا أو باطلا.
قلنا : الملازمة ممنوعة لجواز أن تكون قبل هذا البدن متعينة ببدن آخر معين وقبله بآخر ، وآخر لا إلى بداية ، فتكون موجودة بتعينات متعاقبة ، فلا بد من إبطال ذلك.
وقد يجاب عن الاعتراضين : بأن الكلام إلى (٢) إلزامي على من سلم تماثل النفوس وبطلان التناسخ.
[قال (ثم النفس ناطقة) (٣)
__________________
(١) سقط من (ب) جملة (كما سيجيء)
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (إلى)
(٣) في (ب) قاطعة بدلا من (ناطقة)