البتة ، وعلى الفور ، وأما إذا كان جائزا أو لازما ، ولو بعد حين فلا لجواز أن لا تنتقل نفوس الهالكين الكثيرين ، أو تنتقل بعد حدوث الأبدان الكثيرة. وما توهم من التعطل ، مع أنه لا حجة على بطلانه ، فليس بلازم ، لأن الابتهاج بالكمالات ، أو التألم بالجهالات شغل.
وعلى الثالث : بأنه مبني على حدوث النفس ، وكون فاعلها قديما (١) موجبا لا حادثا ، أو قديما مختارا ، وكون الشرط هو المزاج الصالح دون غيره من الأحوال والأوضاع الحادثة ، وكون المزاج مع الفاعل تمام العلة بحيث لا مانع أصلا ، والكل في حيز المنع.
[قال (وغاية متشبثهم) :
في إثبات التناسخ أنه لا معطل في الوجود ، وأن النفوس جبلت على الاستكمال ، وذلك في التعلق ، وأنها قديمة ، فتكون متناهية ، لاستنادها إلى علل وحيثيات متناهية ، لامتناع وجود ما لا يتناهى ، والأبدان غير متناهية ، والكل ضعيف].
يعني ليس للتناسخية دليل يعتد به ، وغاية ما تمسكوا به في إثبات التناسخ على الإطلاق. أن (٢) النفس بعد المفارقة إلى جسم آخر إنساني أو غيره (٣) ، وجوه.
الأول : أنها لو لم تتعلق لكانت معطلة ، ولا معطل في الوجود ، وكلتا المقدمتين ممنوعة.
الثاني : أنها مجبولة على الاستكمال ، والاستكمال لا يكون إلا بالتعلق ، لأن ذلك شأن النفس ، وإلا كانت عقلا لا نفسا.
__________________
(١) يعني بالفاعل : الخالق المدبر ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد.
قال تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وقال أيضا (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) سورة فاطر آية رقم ٣.
وقال تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة الحشر آية رقم ٢٤.
(٢) في (ب) أي انتقال بدلا من (أن النفس بعد المفارقة).
(٣) في (ب) بزيادة (من الحيوان أو النبات أو الجماد).