ورد : بأنه ربما كان الشيء طالبا لكماله ، ولا يحصل (١) لزوال الأسباب والآلات ، بحيث لا يحصل لها البدل.
الثالث : أنها قديمة لما سبق من الأدلة ، فتكون متناهية العدد لامتناع وجود ما لا يتناهى بالفعل ، بخلاف ما لا يتناهى من الحوادث كالحركات والأوضاع ، وما يستند إليها فإنها إنما تكون على سبيل التعاقب دون الاجتماع ، والأبدان مطلقا ، بل الأبدان الإنسانية خاصة غير متناهية ، لأنها من الحوادث المتعاقبة المستندة إلى ما لا يتناهى من الأدوار الفلكية وأوضاعها ، فلو لم تتعلق كل نفس إلا ببدن واحد ، لزم توزع ما يتناهى على ما لا يتناهى ، وهو محال بالضرورة.
وردّ بمنع قدم النفوس ، ومنع لزوم تناهي القدماء لو ثبت فإن الأدلة إنما تمت فيما له وضع ، وترتيب وضع لا بتناهي الأبدان وعللها ، ومنه لزوم أن يتعلق بكل بدن نفس ، وإن أريد الأبدان التي صارت إنسانا بالفعل اقتصر على منع لا تناهيها.
[قال (والذي ثبت) :
من مسخ بعض الكفرة قردة وخنازير ، ومن رد النفوس إلى الأبدان المحشورة فليس من المتنازع في شيء].
قد يتوهم أن من شريعتنا القول بالتناسخ ، فإن مسخ أهل مائدة (٢) قردة وخنازير (٣) يرد لنفوسهم إلى أبدان حيوانات أخر ، والمعاد الجسماني. رد لنفوس الكل إلى أبدان أخر إنسانية للقطع بأن الأبدان المحشورة لا تكون الأبدان الهالكة بعينها لتبدل الصور والأشكال بلا نزاع.
والجواب : أن المتنازع هو أن النفوس بعد مفارقتها الأبدان ، تتعلق في الدنيا
__________________
(١) في (ب) ولا يحصل الكمال لزوال.
(٢) في (ب) بعض الكفرة بدلا من (أهل مائدة).
(٣) لعله يقصد قول الله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) سورة الأعراف الآيات ١٦٥ ، ١٦٦.