الحيوانات ، وفي قوله تعالى (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (١) أي بعد المفارقة. وفي قوله تعالى (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) (٢) أي على صور الحيوانات المنتكسة الرءوس إلى غير ذلك من الآيات. ومن نظر في كتب التفسير ، بل في سياق الآيات ، لا يخفي عليه فساد هذه الهذيانات ، وجوز بعض الفلاسفة ، فعلق النفوس المفارقة ببعض الأجرام السماوية للاستكمال ، وبعضهم على أن نفوس الكاملين تتصل بعالم المجردات ، ونفوس المتوسطين تتلخص إلى عالم المثل المعلقة في مظاهر الأجرام العلوية على خلاف مراتبهم في ذلك ، ونفوس الأشقياء إلى هذا العالم في ظاهر الظلمانيات والصور المستكرهة ، بحسب اختلاف مراتبهم في الشقاوة ، فيبقى بعضهم في تلك الظلمات أبدا ، لكون الشقاوة في الغاية ، وبعضهم ينتقل بالتدريج إلى عالم الأنوار المجردة ، وستعرف معنى المثل المعلقة.
__________________
(١) سورة الأعراف آية رقم ١٦٦.
(٢) سورة الإسراء آية رقم ٢٧ قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل عن نفيع. قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم؟
قال : الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم. وأخرجاه في الصحيحين. وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا الوليد بن جميع القرشي عن أبي عن أبي الفضل عامر بن وائلة عن حذيفة بن أسيد قال : قام أبو ذر فقال : يا بني غفار قولوا ولا تحلفوا فإن الصادق المصدوق حدثني ان الناس يحشرون على ثلاثة أفواج. فوج راكبين طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم الى النار فقال قائل منهم هذان قد عرفناهما فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال : يلقى الله عزوجل الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر.