ونسبته إلينا (١) نسبة الشمس إلى أبصارنا ، وتختلف عبارات القوم في أن المذكورات أسام لهذه الاستعدادات والكمال ، أو للنفس باعتبار اتصافها بها ، أو لقوى في النفس هي مباديها ، مثلا يقال تارة : إن (٢) العقل الهيولاني ، هو استعداد النفس لقبول العلوم الضرورية، وتارة أنه قوة استعدادية ، أو قوة من شأنها الاستعداد المحض ، وتارة أنه النفس في مبدأ الفطرة من حيث قابليتها للعلوم ، وكذا في البواقي ، وربما يقال ، إن العقل بالملكة هو حصول الضروريات من حيث تتأدى إلى النظريات. وقال ابن سينا : هو صورة المعقولات الأولى ، تتبعها القوة على كسب غيرها ، بمنزلة الضوء للأبصار. والمستفاد هو المعقولات المكتسبة عند حصولها بالفعل. وقال في كتاب المبدأ والمعاد. إن العقل بالفعل ، والعقل المستفاد واحد بالذات ، مختلف بالاعتبار ، فإنه من جهة تحصيله للنظريات عقل بالفعل ، ومن جهة حصولها فيه بالفعل عقل مستفاد.
وربما قيل : هو عقل بالفعل بالقياس إلى (٣) ذاته ، ومستفاد بالقياس إلى فاعله. واختلفوا أيضا في أن المعتبر في المستفاد هو حضور النظريات الممكنة للنفس ، بحيث لا تغيب أصلا حتى قالوا إنه آخر المراتب البشرية ، وأول المنازل الملكية ، وأنه يمتنع أو (٤) يستبعد جدا ما دامت النفس متعلقة بالبدن ، أو مجرد الحضور حتى يكون قبل العقل بالفعل بحسب الوجود ، على ما صرح به الإمام ، وإن كان بحسب الشرف هو الغاية ، والرئيس المطلق الذي يخدمه سائر القوى من الإنسانية ، والحيوانية ، والنباتية ، ولا يخفى أن هذا أشبه بما اتفقوا عليه من حصر المراتب في الأربع. نعم حضور الكل بحيث لا يغيب أصلا ، هو كمال مرتبة المستفاد. وذكر الإمام في بيان المراتب. أن النفس إن خلت عن العلوم مع أنها قابلة لها ، سميت في تلك الحالة عقلا هيولانيا ، وإلا فإن حصلت الضروريات فقط سميت حينئذ عقلا بالملكة ، وإن حصلت النظريات أيضا ، فإن لم تكن حاصلة بالفعل ، بل لها
__________________
(١) في (ب) إليها بدلا من (إلينا)
(٢) سقط من (ب) حرف (إن)
(٣) سقط من (ب) حرف (إلى)
(٤) سقط من (أ) لفظ (يمتنع أو)