بحسب الشرف والكمال (١) ، أو حضور الكل بحيث لا يغيب أصلا حتى يمتنع أو يستبعد جدا حصوله ، ما دامت النفس متعلقة ، والأول أشبه بحصر المراتب].
قد سبق أن لفظ القوة ، كما يطلق على مبدأ التغيير والفعل ، فكذا على مبدأ التغير والانفعال ، فقوة النفس باعتبار تأثرها عما فوقها من المبادي للاستكمال بالعلوم والإدراكات تسمى عقلا نظريا ، وباعتبار تأثيرها في البدن لتكميل جوهره ، (وإن كان ذلك أيضا عائدا إلى تكميل النفس ، من جهة أن البدن آلة لها في تحصيل العلم) (٢) والعمل ، يسمى عقلا علميا.
والمشهور أن مراتب النظري أربع :
لأنه : إما كمال. وإما استعداد نحو الكمال قوى أو متوسط أو ضعيف. فالضعيف وهو محض قابلية النفس للادراكات يسمى عقلا هيولانيا ، تشبيها بالهيولى (٣) الأولى الخالية في نفسها عن جميع الصور القابلة لها ، بمنزلة قوة الطفل للكتابة ، والمتوسط وهو استعدادها لتحصيل النظريات ، بعد حصول الضروريات يسمى عقلا بالملكة ، لما حصل لها من ملكة الانتقال إلى النظريات بمنزلة الأمي المستعد لتعلم الكتابة ، وتختلف مراتب الناس في ذلك اختلافا عظيما ، بحسب اختلاف درجات الاستعدادات والقوى ، وهو الاقتدار على استحضار النظريات ، متى شاءت من غير افتقار إلى كسب جديد (٤) ، لكونها مكتسبة مخزونة ، تحضر بمجرد الالتفات بمنزلة القادر على الكتابة حين لا يكتب ، وله أن يكتب متى شاء يسمى عقلا بالفعل ، لشدة قربه من الفعل ، وأما الكمال فهو أن تحصل النظريات مشاهدة بمنزلة الكاتب حين يكتب ، ويسمى عقلا مستفادا ، أي من خارج وهو العقل الفعال ، الذي يخرج نفوسنا من القوة إلى الفعل ، فيما له من الكمالات ،
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (الكمال)
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٣) سبق الكلام عن (الهيولي) في الجزء الأول من هذا الكتاب
(٤) في (ب) كسب مؤكد بدلا من (جديد)