المعلقة نورانية ، فيها نعيم السعداء ، وظلمانية فيها عذاب الأشقياء ، وكذا أمر (١) المنامات ، وكثير من الإدراكات ، فإن جميع ما يرى في المنام ، أو يتخيل في اليقظة (٢) ، بل يشاهد في الأمراض ، وعند غلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية ، التي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل ، وكذا كثيرا من الغرائب ، وخوارق العادات ، كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته ، كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج ، وأنه ظهر من بعض جدران البيت ، أو خرج من بيت مسدود الأبواب والكوات ، وأنه أحضر بعض الأشخاص ، أو الثمار (٣) ، أو غير ذلك من مسافة بعيدة في زمان قريب إلى غير ذلك.
والقائلون بهذا العالم منهم من يدعي نبوته بالمكاشفة والتجارب الصحيحة ، ومنهم من يحتج ، بأن ما يشاهد من تلك الصور الجزئية في المزايا ونحوها ، ليست عدما صرفا ، ولا من عالم الماديات وهو ظاهر ، ولا من عالم العقل لكونها ذوات مقدار ، ولا مرتسمة في الأجزاء الدماغية ، لامتناع ارتسام الكبير في الصغير ، ولما كانت الدعوى عالية ، والشبهة واهية (٤). كما سبق لم يلتفت إليه المحققون من الحكماء والمتكلمين.
والله أعلم
__________________
(١) في (أ) من بدلا من (أمر)
(٢) سقط من (أ) لفظ (اليقظة)
(٣) في الحقيقة أن هذه الأشياء كما تحكي عن الأولياء تحكى عن شياطين الإنس الذين يستخدمون الجن في قضاء مثل هذه الأمور ويحكي القرآن الكريم عن العلاقة التي تتم بين الإنس والجن وغالبا ما تكون إلا للاضرار والفساد ويندر أن تكون علاقة لغير هذا قال تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً). والإمام الجنيد يقول : إذا رأيتم من يطير في السماء ، أو يمشي على الماء ـ ولا يؤدي شرع الله ـ ولا يطبقه على نفسه ، ولا على الآخرين فهو والحق يقال : شيطان رجيم.
(٤) نعم إنها دعوى عريضة ولكن لا يسندها رأى من الكتاب ولا دليل من السنة وما دام الأمر كذلك فهي كما قال : شبهة واهية ، والله أعلم.