بنفسه ، متميز بذاته مستغن في قوامه عن المحلّ؟ والتعبير عنه بالهوية (١) الاتصالية أو المتصل بالذات ، أو نحو ذلك من العبارات لا يفيد.
الثاني : أن الامتداد طبيعة واحدة فيمتنع كون بعض أفراده أو أصنافه جوهرا والبعض عرضا ، وإن وقع الاصطلاح على تسمية بعض الجواهر بذلك. فلا نسلّم أن في المتميز جوهرا غير نفس الجسم.
الثالث : أنه لو كان في الجسم امتدادان أحدهما جوهري ، والآخر عرضي ، فإن فضل أحدهما على الآخر وقع القدر الذي به التفاضل لا في مادة وهو محال ، إذ لا عرض بدون الموضوع ، ولا صورة بدون الهيولي.
وبالجملة لا حال بدون المحل ، وإن لم يفضل بل تساويا في جميع الأقطار ارتفع الامتياز والاثنينية ، لأن امتياز أفراد الطبيعة الواحدة الحالة إنما يكون بحسب المحل ، وهذا مدفوع بأنهما متميزان بالحقيقة مع أن محل العرضي هو الجوهري أو الجسم ، ومحل الجوهري هو المادة وإن أريد عدم الامتياز في الحس فلا ضير.
[قال (وقد يستدل)
على نفي الهيولي بأنها إن لم تتحيز لم تصلح محلا لما له اختصاص بالحيز ، وإن تحيزت فإما بالاستقلال فكان مثل الجسمية ، فلم يجامعها ، ولم يكن بالمحلية أولى ولزم استغناء الجسمية عن المادة أو تسلسل المواد. وإما بالتبعية ، فكانت صفة للجسمية حالة فيها. ويجاب بأن عدم الاستقلال لا يلزم أن يكون بحلولها بل
__________________
(١) اسم الهوية ليس عربيا في أصله وإنما اضطر إليه بعض المترجمين فاشتق هذا الاسم من حرف الرباط أعني الذي يدل عند العرب على ارتباط المحمول بالموضوع في جوهره وهو حرف (هو) في قولهم زيد هو إنسان أو حيوان. (راجع ابن رشد تفسير ما بعد الطبيعة ص ٥٥٧) وللهوية عند القدماء عدة معان وهي التشخص والشخص نفسه والوجود الخارجي قالوا ما به الشيء هو هو باعتبار تحققه يسمى حقيقة وذاتا وباعتبار تشخصه يسمى هوية وإذا أخذ أعم من هذا الاعتبار يسمى ماهية (راجع كليات أبي البقاء) وفلسفة الهوية تطلق على مذهب شيلينغ القائل بوحدة الطبيعة والفكر ووحدة المثل والواقع وكل فلسفة لا تفرق بين المادة والروح ولا بين الذات والموضوع فهي فلسفة من هذا القبيل لأنها تجمع بينهما في وحدة لا تنفصل وترجعهما الى شيء واحد هو المطلق (راجع المعجم الفلسفي ج ٢ ص ٥٣٢).