والكيف ، وغيرهما ، إلى قوى موجودة في الجسم ، وأما إنها صور لا أعراض فلا ، بل الأقرب عندنا أنها من قبيل الأعراض.
والحاصل أنه كما لا يمتنع تعاقب الصور على الإطلاق ، لا يمتنع تعاقب الأعراض التي يستند إليها ما يعود بعد الزوال ، فيكون كل سابق معدا (١) للاحق ، ويرجع اختلافها إلى اختلاف الاستعدادات ، وإن كان المبدأ واحدا ، وقد يقال نحن نعلم بالضرورة أن هاهنا آثارا صادرة عن الأجسام كالإحراق للنار ، والترطيب للماء ، فلو لم يكن فيها إلا الهيولي والصورة الجسمية لما كان كذلك ، فلا بد فيها من أمور هي مبادي تلك الآثار. ولا خفاء في أن الأجسام إنما تختلف بحسب آثارها المخصوصة بتنوع (٢) نوع ، فتنوعها وتحصلها إنما يكون باعتبار تلك المبادي ، فتكون صورا لا أعراضا لامتناع تقوم الجوهر بالعرض. وحينئذ يندفع ما يقال : لم لا يجوز أن تكون تلك الآثار مستندة إلى الفاعل المختار؟ أو يكون لبعض المفارقات خصوصية بالقياس إلى بعض الأجسام دون بعض؟ أو يكون اختلاف الآثار عن المفارق بحسب اختلاف استعدادات الأجسام وهيوليتها؟ وبهذا يظهر أنه يكفي في إثبات الصور النوعية أن يقال : نحن نقطع باختلاف حقيقتي الماء والنار مع الاشتراك في المادة والصور الجسمية ، فلا بد من الاختلاف بمقوم جوهري نسميه الصورة النوعية. ويردّ على هذا (٣) التقريرين بعد تسليم اختلاف الأجسام بالحقيقة ، وكون الآثار صادرة عنها ، وكون هيوليتها متفقة للحقيقة ، وكذا صورها الجسمية.
إنا لا نسلّم لزوم كون ما به الاختلاف جوهرا حالا في الهيولي ليكون صورة ، ولم لا يجوز أن يكون عرضا قائما بأحد جزئيه لا بالجسم نفسه ، ليدفع بأن العرض الحال في الجسم متقوم به ، متأخر عنه ، فلا يكون مقوما له متقدما عليه ، أو يكون جوهرا غير حال في مادته ، فلا يكون صورة ، ولا يكون الاحتياج
__________________
(١) في (ب) بعد بدلا من (معدا)
(٢) في (أ) نوع بدلا من (تنوع)
(٣) سقط من (أ) لفظ (هذا)