جميعا ابدانا غير متناهية وأمكنة غير متناهية ، وقد ثبت تناهي الأبعاد بالبرهان انتهى واما ما نص على المعاد من الآيات القرآنية فهو كثير جدا ، فقد اكثر ذكر المعاد في القرآن الكريم والفرقان بطرق عديدة وسبل سديدة لصعوبته على الأفهام وكثرة ما فيه من الشبه والأوهام ، فتارة حكم تعالى بأنه كائن لا محالة من دون ذكر دليل ، بل انه يجب الاذعان به والتصديق من دون طلب دليل لذلك لا سيما بالنسبة إلى العوام والضعفاء كما في قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقوله تعالى (أَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) وقوله تعالى (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
وتارة ذكره الله مشفوعا بالقسم لكثرة الشبه والاشتباه فيه فقال تعالى في سورة النحل (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وقال تعالى في سورة التغابن (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ).
وتارة اثبت الله المعاد مستدلا بكونه قادرا على كل شيء وعلى امور تشبه الحشر والنشر ، فلا يستبعد قدرته تعالى على الحشر والنشر كقوله تعالى في الواقعة ردا على منكري المعاد (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ).
ووجه الاستدلال بها على ما في التفسير الكبير أن المني يحصل من فضلة الهضم الرابع ، وهو كالظل المنبث في اطراف أناق الأعضاء ، ولهذا تشترك الأعضاء في الالتذاذ بالوقاع ويجب غسلها كلها من الجنابة لحصول الانحلال عنها كلها ، ثم إن الله قد سلط قوة الشهوة على البنية حتى أنها تجمع تلك الأجزاء الظلية المتفرقة في أوعية المني.
والحاصل ان تلك الأجزاء كانت مفترقة جدا أولا في اطراف العالم ، ثم أنه تعالى جمعها في بدن ذلك الحيوان منبثة فى اطراف بدنه ثم جمعها بقوة المولدة في أوعية المني ، ثم أخرجها ماء دافقا الى قرار الرحم