وهذا الحديث محمول على الكِتاب الذى فيه سرّ وأمانة يكره صاحبه أن يطّلع عليه. وقيل : هو عامّ فى كلّ كِتاب.
وفيه «لا تَكْتُبوا عنّى غير القرآن» وجه الجمع بين هذا الحديث ، وبين إذنه فى كتابة الحديث عنه ، فإنّه قد ثبت إذنه فيها ، أن الإذن فى الكتابة ناسخ للمنع منها بالحديث الثّابت ، وبإجماع الأمّة على جوازها.
وقيل : إنّما نهى أن يُكْتَب الحديث مع القرآن فى صحيفة واحدة ، والأوّل الوجه.
وفيه «قال له رجل : إن امرأتى خرجت حاجّة وإنى اكْتُتِبْت فى غزوة كذا وكذا» أى كُتِبَ (١) اسمى فى جملة الغزاة.
(ه) وفى حديث ابن عمر ، وقيل ابن عمرو «من اكْتَتَبَ (٢) ضمنا بعثه الله ضمنا يوم القيامة» أى من كَتَبَ اسمه فى ديوان الزّمنى ولم يكن زمنا.
(س) وفى كتابه إلى اليمن «قد بعثت إليكم كاتبا من أصحابى» أراد عالما ، سمّى به لأن الغالب على من كان يعرف الكتابة [أن يكون (٣)] عنده علم ومعرفة. وكان الكاتِب عندهم عزيزا ، وفيهم قليلا.
وفى حديث بريرة «أنها جاءت تستعين بعائشة فى كِتَابَتِهَا» الكتابة : أن يُكَاتِبَ الرّجل عبده على مال يؤدّيه إليه منجّما ، فإذا أدّاه صار حرّا. وسمّيت كِتابة لمصدر كَتَب ، كأنه يَكْتُب على نفسه لمولاه ثمنه ، ويَكْتب مولاه له عليه العتق. وقد كَاتَبَه مُكَاتَبَة. والعبد مُكاتَب.
وإنما خصّ العبد بالمفعول لأن أصل المُكاتبة من المولى ، وهو الذى يُكَاتِب عبده. وقد تكرّر ذكرها فى الحديث.
وفى حديث السّقيفة «نحن أنصار الله وكَتِيبةُ الإسلام» الكَتِيبَة : القطعة العظيمة من الجيش ، والجمع : الكتائب. وقد تكررت فى الحديث مفردة ومجموعة.
__________________
(١) فى اللسان : «كتبت».
(٢) ضبط فى الأصل : «اكتتب». والضبط المثبت من ا ، والهروى. ومما سبق فى (ضمن).
(٣) تكملة من ا. وفى اللسان : «أن عنده العلم والمعرفة».