صالح ، عن جابر ، عن عبد الأعلى وعلي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام ، إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدّنيا وأول يوم من أيام الآخرة ، مثل له ما له وولده وعمله ، فيلتفت إلى ما له فيقول له : والله إني كنت عليك حريصا شحيحا فمالي عندك؟ فيقول : خذ مني كفنك.
قال : فيلتفت إلى ولده فيقول : والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم محاميا ، فما ذا لي عندكم؟ فيقولون : نوديك إلى حفرتك نواريك فيها.
قال : فيلتفت إلى عمله فيقول : والله إني كنت فيك لزاهدا وإن كنت عليّ لثقيلا ، فمالي عندك؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك ، قال : فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقال له : أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ، ومقدمك خير مقدم فيقول له : من أنت؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنة ، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله ، فإذا دخل قبره أتاه ملكا القبر يجرّان أشعارهما ويخدّان الأرض بأقدامهما وأصواتهما كالرعد العاصف ، أبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول : الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيّي محمد صلىاللهعليهوآله ، فيقولان له : ثبّتك الله فيما يحب ويرضى ، وهو قول الله عزوجل (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) ثم يفسحان له في قبره مدّ بصره ، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ، ثم يقولان له : نم قرير العين نوم الشاب الناعم ، فإن الله عزوجل يقول (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (١).
قال : وإن كان لربّه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا ، وأنتن ريحا فيقول له : أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم ، وإنه ليعرف غاسله وينشد حملته أن يحبسوه ، فإذا دخل القبر أتاه ممتحنا القبر ، فألقيا عنه أكفانه ، ثم يقولان له : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري ، فيقولان : لا دريت ولا هديت ، فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة ، فما خلق اللهعزوجل من دابة إلّا وتذعر لها ما خلا الثقلين ، ثم يفتحان له بابا إلى النار ، ثم يقولان له ، نم بشرّ حال فيه من الضيق مثل ما في القنا من الزجّ حتى إن دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه ، ويسلط الله عليه حيّات الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره ، وإنه ليتمنّى قيام الساعة فيما هو فيه من الشر.
__________________
(١) الفرقان : ٢٤.