صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ، فيجيبه الأشقى على رثوثة : يا ليتني لم اتّخذك خليلا لقد أضللتني عن الذّكر بعد إذ جاءني ، وكان الشيطان للإنسان خذولا ؛ فأنا الذكر الذي عنه ضلّ والسبيل الذي عنه مال والإيمان الذي به كفر والقرآن الذي إيّاه هجر والدّين الذي به كذّب والصراط الذي عنه نكب. والخطبة طويلة تأتي بطولها في الباب الأربعين ومائة : في أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قسيم الجنّة والنار من طريق الخاصّة (١).
السادس : محمّد بن الحسن الشيباني في تفسيره «نهج البيان» عن الباقر والصادقعليهماالسلام في معنى الآية : السبيل هاهنا عليّ عليهالسلام (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) يعني عليّا عليهالسلام وقال أيضا : وروى عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنّ هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبيّ عليهالسلام ، وآخى بينهما يوم الإخاء فصدّ أحدهما صاحبه عن الهدى فهلكا جميعا ، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة وقولهما عند ما ينزل عليهما من العذاب فيحزن ويتأسّف على ما تقدّم ويتندّم حيث لم ينفعه الندم (٢).
السابع : عليّ بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية والتفسير منسوب إلى الصادقعليهالسلام قوله : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) قال : الأوّل يقول : (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) قال أبو جعفر عليهالسلام يقول : يا ليتني اتّخذت مع الرسول عليّا ـ وفي نسخة ـ عليّا وليّا (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) يعني الثاني (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) يعني الولاية (وَكانَ الشَّيْطانُ) وهو الثاني (لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) (٣).
الثامن : الإمام أبو محمّد الحسن العسكري عليهالسلام في تفسيره قال : قال العالم عليهالسلام عن أبيه عن جدّه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ما من عبد ولا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين عليهالسلام في الظاهر ونكثها في الباطن وأقام على نفاقه ، إلّا وإذا جاءه ملك الموت ليقبض روحه تمثّل له إبليس وأعوانه وتمثّل له النيران وأصناف عقابها بعينه وقلبه ومقاعده من مضايقها ، وتمثّل له أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على إيمانه ووفى ببيعته ؛ فيقول له ملك الموت انظر فتلك الجنان التي لا يقدّر قدر سراتها (٤) وبهجتها وسرورها إلّا ربّ العالمين كانت معدّة لك فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمّد صلىاللهعليهوآله كان يكون إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنّك نكثت وخالفت فتلك النيران وأصناف عذابها
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٢٧ ح ٢.
(٢) لم نجده في المصادر المتوفّرة.
(٣) تفسير القمي : ٢ / ١١٣.
(٤) في التفسير : سرائها وبالهامش عن بعض النسخ : مسراتها.