قال أبو حمزة الثمالي : فقلت : بأبي أنت وأمي فمن الظالم لنفسه منكم؟ قال : «من استوت حسناته وسيئاته من أهل البيت فهو الظالم لنفسه» فقلت : من المقتصد منكم؟ قال : «العابد لله ربه في الحالين حتى يأتيه اليقين» فقلت : فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال : «من دعا والله إلى سبيل ربه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يكن للمضلين عضدا ولا للخائنين خصيما ولم يرض بحكم الفاسقين إلّا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد اعوانا» (١).
الحديث العاشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنهما) قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان ابن الصلت قال : حضر الرضا عليهالسلام مجلس المأمون بمرو وقد أجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال العلماء : أراد الله عزوجل بذلك الأمة كلها فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليهالسلام : «لا أقول كما قالوا ولكني أقول أراد العترة الطاهرة» فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا عليهالسلام : «انه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنّة لقول الله تبارك وتعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم» فقال المأمون : من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا عليهالسلام : «الذين وصفهم الله في كتابه فقال عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وهم الذين قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا عليهالسلام : «هم الآل» قالت العلماء : فهذا رسول الله صلىاللهعليهوآله يؤثر عنه أنه قال : أمتي آلي ، وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : «أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل» قالوا : نعم ، قال : «فتحرم على الأمة» قالوا : لا ، قال : «هذا فرق ما بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم اضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون أما علمتم إنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم» قالوا : ومن أين يا أبا الحسن ، قال : «من قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ
__________________
(١) معاني الأخبار : ١٠٥ / ٣.