وكان في أثنائها يدرّس في دار العلوم (١) لذا حرص على ضبط الكلمات الملبسة وعلق على بعض المواضع تعليقات مفيدة. وقد أوضح عمله في صفحة العنوان التي جاءت على النحو التالي : «غريب القرآن المسمى (بنزهة القلوب) للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ، عني بتصحيحه وترقيمه وضبط المهم من ألفاظه وتعليق حواشيه ومراجعته على أصول الأستاذ مصطفى عناني بك المفتش الأول للعلوم العربية بالأزهر والمعاهد الدينية».
ودار الرائد بعملها هذا قد سطت على الكتاب وسلبت جهد محققه بحذف اسمه وعزو عمله من ضبط وتعليقات وغيرها إلى لجنة زعمت أنها هي التي قامت بهذا الجهد الضخم. وهذا اعتداء صارخ وظلم مبين وسرقة فاضحة. وهذه الجريمة في حق هذا الكتاب ومحققه الشيخ العناني سبقتها جريمة أخرى مشابهة تتمثل في طبعة مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح التي أشرنا إليها قبل ، فهذه الطبعة صورة طبق الأصل من طبعة الشيخ العناني : الضبط هو الضبط والحواشي هي نفسها بحذافيرها.
والخلاف الوحيد عدم التطابق في بداية الصفحات ونهاياتها وعددها. ومرد ذلك أن تصوير الكتب لم يكن قد غزا عالم المطابع فلجأ الناشر إلى جمع الحروف وصفها من جديد مما اقتضى التغيير الذي ذكرناه.
وأحب أن أشير إلى نسختين من هذا الكتاب طبعتا مرتين وفق ترتيب المصحف : إحداهما على هامش المصحف باسم «نزهة القلوب» طبعتها دار الكتب العلمية بلبنان بإذن من مشيخة المقارئ المصرية رقم (٥٥) وراجعه عبد الحليم بسيوني المصحح بإدارة الجامع الأزهر ، وتاريخ الطبع غير مدون ، وجعل تفسير كل لفظ أمام وروده في المصحف بقدر الإمكان.
ولا أدري هل الدار هي التي قامت بترتيب الكتاب بهذه الصورة أو أنها اعتمدت على نسخة مخطوطة مرتبة وفق الترتيب المصحفي ولم تشر إليها.
أما الطبعة الأخرى فهي صورة من المطبوعة على المصحف إلّا أنها نشرت مستقلة في كتاب للشيخ محمد الصادق قمحاوي بعنوان «تهذيب غريب القرآن».
__________________
(١) انظر الصفحة الختامية ص ٤٢٠ من الجزء الرابع من القاموس ، الطبعة الثالثة ١٣٥٢ ه / ١٩٣٣ م ـ المطبعة المصرية.