وينبغي التساؤل : لماذا نذهب وراء المجازيات ، مع إمكانية تفسير الاسير بالمعنى الحقيقي؟
٢ ـ كيف يتسنى حصر اللفظ العام للآية بأشخاص محددين؟
ولكن كما أسلفنا مراراً أنّ عمومية مفهوم الآيات لا يتعارض مع سبب النزول الخاص ، وهذا يشاهد أيضاً في الكثير من آيات القرآن الكريم الاخرى ، حيث يكون مفهوم الآية عاماً وشاملاً ، إلّاأنّ سبب نزولها وهو مصداقها الكامل والسامي يكون مورداً خاصاً ، والمثير للدهشة أنّ أحداً لم يتخذ عمومية مفهوم الآية في سائر الآيات الواردة في القرآن وسبب نزولها دليلاً على معارضة سبب النزول ، إلّاأنّ القضية هنا مختلفة!!
٣ ـ المؤاخذة الاخرى التي يثيرها المشككون هي : كيف يتمكن الإنسان من البقاء طاوياً ثلاثة أيّام ويفطر بماء فقط؟
بيدَ أنّ هذه المؤاخذة عجيبة ، لأننا كثيراً ما رأينا ـ وعلى امتداد حياتنا ـ أشخاصاً يمسكون عن الطعام من أجل العلاج ، فبعضهم قد يمسك ثلاثة أيّام وهذا يسير ، وتارة يمسكون لمدّة عشرة أيّام أو عشرين يوماً بل وحتى أربعين يوماً ، أي أنّهم وعلى مدى اربعين يوماً لا يشربون سوى الماء فقط ، ولا يتناولون طعاماً أبداً (حتى عصير الفواكه والشاي) ، وهذا الأمر ـ حسب اعتقاد الأطباء الذين يعالجون المرضى عن طريق الصيام أدى إلى علاج الكثير من أمراضهم ، حتى أنّ طبيباً مشهوراً غير مسلم يدعى «الكسي سوفورين» ألف كتاباً حول آثار الصيام لمدّة أربعين يوماً مع بيان دقيق لطرقه (١).
واعتبر بعض الكتاب الصوم لأكثر من عشرين يوماً علاجاً لبعض الأمراض.
إنّ الاضراب عن الطعام ومنه «الاضراب عن الماء» متداول في عصرنا الراهن وأحياناً يتجاوز الأربعين يوماً.
ولكن لماذا يتعجب هؤلاء المشككون من الصوم لمدّة ثلاثة أيّام والامساك عن الطعام والافطار بالماء لوحده؟ أليس هدفهم هو تعطيل هذه الفضيلة العظمى بأي وسيلة متاحة؟
__________________
ـ (أبو حيان الاندلسي) يرى أنّه يعني الاسير من الكفار.
(١) ترجم هذا الكتاب إلى العربية واسمه «التطبيب بالصوم».