رواته من الإمامية والشيعة حتماً ، وكأنّ أحكامه الطائفية المسبقة لا تسمح له التصديق بأنّ هذه الأحاديث منقولة بهذا الشكل الواسع في المصادر المعروفة للسنّة ، وكأنّه لا يصدق أيضاً بأنّ الاجيال اللاحقة سيقرأون كلماته ، ويشكلون عليه ، أنّ رواة هذا الحديث ليسوا من الإمامية فحسب ، بل إنّهم غالباً من علماء السنّة.
وعلى أيّة حال فإنّ مفهوم هذه الأحاديث وكذلك الآية الآنفة لا يعني أنّه في يوم القيامة يسأل عن ولاية «علي بن أبي طالب» فقط ، ذلك أنّ يوم القيامة هو يوم السؤال عن جميع الأعمال ، والنعم ، وجميع أنواع المسؤوليات ، بل المراد أنّ احدى أهم الامور التي يسأل عنها هي ولاية هذا الإمام المعصوم ، وبلا أدنى شك فإنّ الولاية هنا ليست بمعنى نوع من المحبة العادية والدارجة التي لابدّ وأن يتحلى بها كل مؤمن تجاه الآخرين ، ذلك أنّ هذا الأمر يعد أحد الفروع العادية للدين ، بل إنّ المراد شيء أبعد من هذه المسألة ويعد من أهم أركان الإسلام واسس الدين.
فهل يمكن أن يكون هذا الموضوع شيئاً آخر غير مقام القيادة والخلافة الإلهيّة بعد رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله؟!
نعم ، علي بن أبي طالب عليهالسلام هو ذلك الشخص الذي تعد ولايته من أهم أركان الإسلام وشروط الإيمان ، وعلى رأس تسلسل الامور التي يُسال عنها في يوم القيامة.
وكيف لا يكون كذلك ، وقد ملأت فضائله ومفاخره جميع كتب الحديث ، وتتلألأت شخصيته الرفيعة في آيات القرآن المجيد ، بالرغم من كل المواقف العدائية التي اتخذها أعداؤه معه ، وكتموا فضائله (ولايزالون يكتمونها لحد الآن أيضاً) ، وبالرغم من أنّ أصحابه واتباعه اضطروا إلى اخفاء فضائله أيضاً خوفاً من بطش الأعداء!.
ونختم هذا الكلام بنقل حديث معروف عن ابن عباس ورد في الكثير من المصادر الإسلامية إذ يقول : ما نزل في القرآن (يَا ايَّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلّاعلي سيدها وشريفها وأميرها ، وما أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّاقد عاتبه الله في القرآن ، ما خلا علي بن أبي طالب فإنّه لم يعاتبه بشيء ، وما نزل في أحد من كتاب الله مانزل في علي ... نزلت في علي ثلاثمائة آية!» (١).
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ، ج ١٨ ، ص ١١.