وأما في الثالث فقد أخذ فيها كونها مطابقة للواقع والخارج. فالمدلول هو صورة سائل مراد ، بنحو يكون لهذه الصورة مطابق في نفس المتكلم.
وأما الاحتمال الأول : لو قلنا به لا ينتج كون الدلالة تصديقية بناء على مسلك الاعتبار ، لأن غاية ما يوجبه الاحتمال هو أنّ المدلول التصوري عبارة عن المعنى مع مفهوم الإرادة الكلي ، فلم تخرج الدلالة عن كونها تصورية ، وإنما طعّم المدلول التصوري بقيد زائد وهو مفهوم الإرادة على وجه كلي ، تماما كما لو طعّمنا المدلول التصوري ، وهو السائل بقيد أن يكون حارا ، فهذا لا يخرج الدلالة الوضعية عن كونها تصورية.
أيضا لو قلنا بالاحتمال الثاني : فنفس الكلام إذ يطعّم المدلول التصوري بقيد زائد ، وهو مفهوم الإرادة على وجه جزئي ، وهذا لا يخرج الدلالة عن كونها تصورية.
وأما الاحتمال الثالث ، وهو كون المأخوذ صورة الإرادة المطابقة مع الواقع ، بحيث تؤخذ المطابقة قيدا في الإرادة ، فيصير المأخوذ مفهوم الإرادة بشرط أن يكون لهذا المفهوم مصداق في الخارج ، ثابت في نفس المتكلم ، وحينئذ يقال : بأن هذا يوجب تطعيم الدلالة الوضعية بالدلالة التصديقية ، لأن هذه الدلالة الوضعية هنا توجب الانتقال من صورة اللفظ إلى صورة المعنى ، وصورة الإرادة المشروطة بأن يكون لها مطابق في الخارج ، وهذا هو معنى التصديق.
إلّا أن هذا الاحتمال الثالث في نفسه غير معقول ، بناء على مسلك الاعتبار ، وتوضيح عدم معقوليته.
إن القرن بين شيئين تارة يكون في الخارج ، فيقرن الوجود الخارجي لأحدهما بالوجود الخارجي للآخر ، من قبيل اقتران الحرارة بالنار. وأخرى يقرن الوجود التصوري لأحدهما بالوجود التصوري للآخر :