الإجزاء بوجوداتها التفصيلية ، والدال الآخر هو المجموع المركب ، وحينئذ قولنا «زيد عالم» يكون دالا مرتين على معناه ، فيلزم الانتقال إلى المعنى مرتين. والحال إنّ الذهن لا ينتقل إلى المعنى مرتين بل مرة واحدة ، كما لو سمعنا «زيد عالم» من شخص واحد.
ويبرهن أخرى على نفي الوضع الزائد باللغوية ، لأن المقصود من الكلام هو إفادة المعنى الجملي ، وإفادة هذا المعنى قد تمّت بأوضاع أجزاء المركب كل لمعناه ، وعليه فيكون الوضع الثاني لغوا في المقام.
والتحقيق في المقام هو : إنّ المعنى الجملي تارة يكون سنخ معنى قابلا لأن يفاد بنحو تعدد الدال والمدلول. كما في قولنا «زيد عالم» المنحل إلى ثلاثة أجزاء : موضوع ، ومحمول ، ونسبة. وكل منها قابل لأن يدل عليه بدال مستقل ؛ فلفظة زيد تدل على الموضوع ، ولفظة عالم تدل على المحمول ، وهيئة الجملة تدل على النسبة التامة.
وأخرى يكون المعنى الجملي سنخ معنى لا يعقل إفادته بنحو تعدد الدال والمدلول بأن كان بعض أجزاء هذا المعنى لا يفاد بدال مستقل كما في قولنا : «النار في الموقد» المنحل إلى ثلاثة أجزاء : إلى نار ، وموقد ، ونسبة ظرفية. وهذه لا يعقل أن يكون لها دال مستقل ، لأن هذه النسبة نسبة ناقصة تحليلية ، وليس لها وجود واقعي مستقل في عالم الذهن ، بل الموجود في عالم الذهن هو الحصة الخاصة ، ومفهوم وحداني ينحل إلى نار ، وموقد ، ونسبة ناقصة تحليلية ، ليس لها وجود مستقل في عالم الذهن. وعليه : يستحيل أن يكون عليها دال مستقل في عالم اللفظ أيضا ، بل كما أنه ليس هناك إلّا وجود واحد في عالم الذهن ، لا بد وأن يكون هناك دال واحد في عالم اللفظ أيضا.
إذن فالمعنى الجملي : إما أن يكون مركبا من أجزاء يمكن إفادتها بنحو تعدد الدال والمدلول ، وذلك فيما إذا لم تكن النسب التحليلية داخلة فيه.
وإما أن يكون مركبا من أجزاء لا يمكن إفادة كل واحد واحد منها بنحو