وقدرة هذا الجواب على تقديم تفسير للنقض المتقدم ، منشؤها أنّ هذا الجواب ، يفترض أنّ المخصّص يزاحم العام في مرحلة المراد الاستعمالي للعام ويصرفه عن العموم إلى الباقي ، حيث يكون مستعملا في خصوص الباقي ، غايته انّه يثبت انّه في تمام الباقي.
ومن الواضح انّ هذا ، إنّما يتم في العمومات ، لأنه يصح استعمالها في تمام الباقي ولو مجازا.
وأمّا في الأعداد كما في «أكرم الأربعة» فإنه هنا لا يصح استعمال الأربعة في الباقي ، وهي «الثلاثة» ، مثلا ولو مجازا ، إلّا بعنايات غير عرفية بل لو استعملت فيه ، يكون خطأ ، ومن هنا لا يرد النقض بالأعداد.
وقد يجعل هذا المطلب دليلا إنّيا على صحة هذا الجواب ، لأنه يفسّر ظاهرة الفرق بين العمومات والأعداد. بينما كان الجواب السابق يصعب عليه حل النقض بالأعداد.
وقد اعترض المحقق الخراساني (١) (قده) ، على هذا الجواب بما يرجع حاصله إلى دعوى ، انّ هذه الدلالات المفترضة في مرحلة المراد الاستعمالي ، ليست دلالات انحلاليّة استقلاليّة ، بل ليس عندنا إلّا ظهور واحد ، وهو ظهور اللفظ في أنّه مستعمل في المعنى الموضوع له ، ودلالته على دخول زيد وعمرو وبكر في المعنى المستعمل فيه بهذه الدلالات ، هي فرع ظهور وجداني واحد ، وهو ظهور اللفظ في أنّه مستعمل فيما وضع له ، وهذا الظهور قد انثلم ، لأنّ المفروض أنّ العام لم يستعمل في العموم ، ومع انثلامه هذا ، تتهدّم جميع هذه الدلالات (٢) لأنها ناشئة عن هذا الظهور ، وحينئذ ، فالحمل على العام الباقي يكون بلا دليل ، لأنه لا ظهور حينئذ.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المشكيني ـ ج ١ ـ ص ٣٣٨.
(٢) فإن صاحب الكفاية يرى ان ظهور الجدية ظهور انحلالي ومتكثر لا يسقط الباقي بسقوط البعض ، بينما الظهور في مرحلة تشخيص المراد الاستعمالي غير متكثر فإذا انهدم فلا ظهور له بعد ذلك. المقرر.