الثلاث المتقدمة هي الأولى ، وهي كون العام حجة في الباقي من باب أنّ التخصيص حينئذ يرجع إلى التخصّص ، أي إنّ أداة العموم موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المدخول المتحصل من مجموع الكلام من دون فرق بين أن يكون المخصص المتصل من باب تضييق دائرة المدخول ابتداء ، كما في «أكرم كلّ فقير عادل» ، أو من الإنشاء ، كما في قوله ، «أكرم كل فقير إلّا الفساق» ، أو من باب الجملة المستقلة المتصلة بالكلام كما في قوله ، «أكرم كلّ فقير ، ولا تكرم فساق الفقراء».
ففي هذه الحالات الثلاث ، أقرب الاحتمالات هي أن يكون التخصيص راجعا إلى التخصّص كما عرفت في محاولة صاحب الكفاية وتبعه عليه مشهور المحققين المتأخرين.
وبهذا يكون جواب صاحب الكفاية (قده) هو أقرب الأجوبة لتفسير حجية العام في الباقي.
ونكتة كونه أقرب الوجوه هو ، مجموع أمرين.
الأمر الأول هو : إنّ الوجدان قاض في موارد المخصّصات المتصلة إنّنا لا نشعر بعناية زائدة عند تطبيقه حينما نقول ، «أكرم كلّ فقير ولا تكرم فساق الفقراء» ، بينما لو طبّقنا المحاولة الثالثة ، وقلنا إنّ المخصص المتصل يتصرف بالمراد الاستعمالي ، إذن كان معناه انّه لا بدّ وأن نشعر بعناية المجاز ، مع أنّا لا نشعر بها في محاولة صاحب الكفاية (قده).
الأمر الثاني هو : إنه لو طبّقنا المحاولة الثانية وقلنا : إنّ اللفظ يستعمل في العموم لكن الظهور في الجدّية ينثلم ، إذن ، فهذه عناية ، لأنّه اختلف المراد الاستعمالي عن المراد الجدي ، مع أنّا لا نشعر بهذه العناية في المثال المذكور كما تقدم.
والأمر الأول من هذين الأمرين صحيح وجدانا ، إلّا أنّ الأمر الثاني غير صحيح ، لما ذكرناه في بحوث تعارض الأدلّة حيث ذكرنا إن التخصيص الذي