يشمله المخصّص أو لا ، فمعنى ذلك ، أنّا نشك في أنّ ظهور العام هل هو موجود فيه أو منهدم ، فيكون شكّنا شكا في أصل ظهور العام ، ومعه ، لا وجه للتمسك بظهور العام حينئذ ، لأنّ التمسك به فرع إحراز ظهوره وهو غير محرز ، وهذه صيغة صحيحة.
إلّا أنّ وراءها صيغة فنية ، وهي تحليل لهذه الصيغة ، وتلك الصيغة تستفاد ممّا أوضحناه سابقا في تفسير أنّ المخصص المتصل يهدم ظهور العام ، فإنّ المخصّص المتصل ، وإن أثبت أنّ المتكلم لم يكن جادا في تمام كلامه ، بل كان هازلا في جزء منه ، لكن هذا الهزل ليس على خلاف ظاهر حال العاقل ، لأنه هزل غير مستقر ، لأنّ المتكلم ألحقه بما يدل على واقع مراده الجدّي ، فحينئذ ، هنا ، إذا فرضنا أنّ ظاهر حال المتكلم هو ، نفي الهزل المستقر ، لا نفي الهزل الذي لا يسكت عنه ، إذن هذا الهزل الذي يثبته المخصّص المتصل ليس على خلاف ظاهر حال المتكلم.
والخلاصة هي : انّ تفسير انّ المتصل يهدم ظهور العام ، هو أنّ المخصص إن كان يثبت أنّ المتكلم لم يكن جادا في جزء من مدلول العام حيث ان جزءا منه كان هزليا ، لكن هذا الهزل ليس على خلاف ظاهر حال العاقل ، لأنه هزل غير مستقر ، لأنه سرعان ما ألحقه بما يدل على مراده الجدّي ، وما هو على خلاف ظهور حال المتكلم إنّما هو ، الهزل المستقر ، الذي يسكت عليه ، والظهورات اللفظية مرجعها إلى هذه الظهورات الحالية ، وهذا معنى أنّ المخصص المتصل يهدم أصل الظهور.
والآن نريد تفسير ما قلناه : من أنّ ظاهر حال العاقل نفي الهزل المستقر الذي يسكت عليه ، فما هو المراد من كلمة ، «يسكت عليه» ، فهل المراد ، الهزل الذي لا يعقبه المتكلم بكلام يكون دالا بحسب نظام اللغة التي نتكلم بها ، على واقع مراده الجدّي وعلى هزليّة هذا الهزل؟
فإذا كان المراد هذا ، فنقول : إنّ المتكلم هنا لم يسكت على هذا الهزل ، باعتبار أنه أعقب كلامه بكلام مجمل ، فأتى بمخصّص مجمل لعلّه