٢ ـ البيان الثاني : هو أنه لو تنزّلنا عن الأصل الموضوعي. وفرضنا انّ المخصص المتصل يهدم حجيّة ظهور العام لا أصل ظهوره كما في المخصّص المنفصل ، حينئذ نقول :
بأن ظهور العام في كل من هذين العنوانين ، وإن كان محرزا بناء على إنكار الأصل الموضوعي ، لكن مع هذا لا يمكن التمسك بالعام في أيّ منهما بخصوصه ، لأنّ التمسك بالعام في أحدهما بالخصوص ، إن كان منضما إلى التمسك بالآخر بالخصوص ، فهذا قد برهنّا على بطلانه في النقطة الأولى لأن مرجعه إلى التمسك بالعام في كلا العنوانين.
وإذا فرض أنّ التمسك بالعام لإثبات حكمه لأحد المعنيين بالخصوص دون الانضمام إلى الآخر ، فهذا غير صحيح ، لأنه من الترجيح دون مرجح كما هو واضح.
والحاصل انّ هذين الظهورين حجيتهما معا غير معقولة ، كما بيّناه في النقطة الأولى ، وحجية أحدهما بالخصوص ترجيح بلا مرجح ، إذن فتتساقط الحجيّتان معا ، فلا يعقل التمسك بالعام لا في كليهما ، ولا في أحدهما بالخصوص ، بل بحسب الحقيقة يكون هذان الظهوران متعارضين متكاذبين ، فإن وجوب إكرام كلا المعنيين للموالي وإن لم يكن بينهما تناف بالذات ، لكن بعد ورود المخصص المتصل على عدم وجوب إكرام أحدهما. حينئذ يصير كل منهما معارضا للآخر بالعرض إذ إنّنا نعلم إجمالا بكذب أحدهما ، فيدل كل منهما بالالتزام على أنّ الكاذب هو غيره ، فيكونان من الظهورين المتعارضين ، وحينئذ لا يمكن التمسك بأيّ واحد منهما.
٣ ـ وأمّا النقطة الثالثة : وهي أنّه بعد الفراغ عن عدم جواز التمسك بالعام لإثبات حكمه لكلا المعنيين ، ولا لأحدهما ، حينئذ يقع الكلام ، في انّه هل يمكن ان نثبت بهذا العام ، حكمه لأحدهما على سبيل الإجمال؟. وذلك بأن نقول : إنّ العام يحكم بوجوب «إكرام كلّ فقير» ، والمخصّص هنا ، يستثني واحدا ، لكن هذا الواحد ، مردّد بين اثنين ، حينئذ نقول : إنّه بالعام ، نثبت أنّ الزائد على الواحد يجب إكرامه.