الأول أو لا ، وحينئذ ، بعد ورود المخصص المذكور نرفع اليد عن إطلاق دلالة العام في كل منهما ، لأنّ المخصص المجمل يقول : بأنّ أحدهما ليس بواجب ، وحينئذ ، نخصّص الإطلاق في كل منهما ، ونحكم بوجوب إكرام أحدهما على تقدير عدم وجوب إكرام الآخر.
وحينئذ ، ينتج انّ العام يولّد دلالتين مشروطتين ، دلالة على وجوب إكرام هذا ، إن كانت الدلالة على إكرام الآخر باطلة ، ودلالة على وجوب إكرام الآخر ، إن كانت الدلالة على وجوب إكرام هذا باطلة ، وحيث انّا نعلم إجمالا ، بأنّ أحدهما ليس بواجب الإكرام ، إذن نعلم حينئذ إجمالا بأنّ إحدى الدلالتين قد تحقق شرطها ، وهذا يعني ، ثبوت حكم العام لأحدهما الذي تحقق شرطه دون الآخر.
وحينئذ نأتي إلى محل الكلام ، فبعد فرض وجود هاتين الدلالتين ، نفرض انّه جاء المخصّص التفصيلي القائل ، بأنّ زيدا الثاني لا يجب إكرامه ، وهذا معناه ، انّ هذا المخصّص يحقق شرط إحدى الدلالتين ، ويعدم شرط الدلالة الأخرى ، وبذلك تصبح الدلالة التي تحقّق شرطها فعليّة ، وبهذا يرتفع شرط الدلالة الثانية ، وبهذا نتوصل إلى وجوب إكرام زيد الأول ، لأنّ إكرامه مشروط بعدم وجوب إكرام زيد الثاني ، وقد ثبت عدم وجوب إكرام زيد الثاني بالمخصص التفصيلي ، وحينئذ ، يتحقق شرط الدلالة الأولى ، وبه تنتفي الدلالة الثانية لانتفاء شرطها.
وبهذا اتضح انّه على تقدير كون المخصص المجمل متصلا ، يمكن أن نثبت بالمخصص هذا وجوب إكرام الفرد الأول أي غير من خرج بالمخصص التفصيلي.
وهذا بنفسه نطبّقه على المسألة الشرعيّة القائلة : بأنّ «كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم أنّه قذر» فالمخصّص يقول : إنّ اصالة الطهارة في أحدهما ساقطة ، والمخصّص التفصيلي ، وهو الاستصحاب ، هنا ، حاكم على هذه القاعدة في أحدهما ، إذن فتجري اصالة الطهارة في مورد الاستصحاب ، وتجري اصالة النجاسة في الفرد الثاني بلا معارض.